توجد علاقات بلا عنوان، يتفاعل طرفاها على نحو منتظم ومستمر مدة زمنية مفتوحة من غير صفة محددة، معلومة للطرفين، وقد شاع مصطلح يسمى "Situationship"، ويشير إلى هذه الحالة المبهمة التي تكون فيها العلاقة قائمة بين شخصين لكن دون وجود تعريف واضح لها أو خطة مستقبلية.
بمعنى آخر يكون الطرفان معًا دون أن يحددا ما إذا كانا في علاقة رسمية أم لا، فلا توجد نيات واضحة لمصير مشترك، إنهما كالذين يمشون في طريق طويل بلا معالم ولافتات.
كيف تحدث علاقة اللاعلاقة؟
وقد يقع بعض الناس في فخ هذه العلاقات دون أن يدري، أو تستخدم أحيانًا نمطًا وأسلوب حياة يتبعها بعض البشر، مهما اختلفت هويتهم، أو ثقافتهم، أو دينهم، فيفضلون هذه العلاقات العاطفية المفتوحة، فيكون الشخصان منخرطين في علاقة تتجاوز حدود الصداقة التقليدية، لكن دون الاتفاق على نمط معين لها وما يترتب على ذلك من التزامات.
على سبيل المثال، قد يقضي الطرفان وقتًا طويلًا معًا يتبادلان فيه مشاعر الحب، وقد يوجد جانب جسدي في العلاقة، لكنهما لم يتفقا بعد على اسم واضح مثل «صديقين» أو «شريكين»، وهذا يعني أن العلاقة ليست صداقة فقط، ولكنها ليست بالضرورة علاقة رسمية أو جدية أيضًا.
غالباً ما تكون "Situationship" ممتلئة بالضبابية والتساؤلات عن مستقبل العلاقة، وما إذا كانت ستتطور إلى شيء أكثر استقرارًا أم ستنتهي، هذا النوع من العلاقات قد يحدث عندما لا يريد أحد الطرفين أو كلاهما التزامًا حقيقيًّا، أو عندما يوجد تردد أو عدم وضوح بشأن ما يريد كل طرف من الآخر، أو يوجد طرف لا يؤدي أصلًا الالتزام بعلاقة جادة.
ما التأثير السلبي لهذه العلاقة؟
إن هذه العلاقات بعكس ما تبدو من كونها مرنة وتلبي الرغبات لدى البعض دون التزام، ولكنها لا تشبع الاحتياج العاطفي، ولا توفر الأمان والاستقرار والسكينة، وتخالف سنة الله في الخلق. إنها علاقة مرهقة تستنزف طاقة الطرفين، وبالأخص إذا كان طرف متورطًا فيها بعد أن انجرف مع مشاعره، ويرجو أن يحصد ما زرع من مشاعر ووقت واهتمام.
فتصيبه بالتشتت الذهني والإرباك وتفقده الثقة في نفسه، وتدريجيًّا يصبح أسيرها في حالة من التعلق السلبي، ويقتات من فتات ما تلبيه من احتياجات لحظية عابرة، فهو مثل الجريح الذي ينزف باستمرار حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة، حتى إذا قُدر له واستفاق وأصبح قادرًا على كسر قيوده، سيظل يعيش في ظلالها ويتحول إلى ركام إنسان فقد الثقة في الآخرين، ولا يكون بمقدوره ترميم ذاته وبناء علاقة سوية.
إن العلاقات مثل رحلات السفر، فليس هنا أحد يصعد على متن طائرة لا يعلم وجهتها النهائية، فقد تمر بمحطات عبور تتخلل مسيرتها إلى المحطة الأخيرة، ولكن تكون معلومة وواضحة ضمن خطة زمنية محددة، وكلما كان الوصول أسرع وأسهل كانت الرحلة أكثر أريحية.
فكذلك أوقات التعارف الطويلة تستنزف المشاعر، وتطفئ جذوة الحب، ويفقد الطرفان كثيرًا من طاقتهما العاطفية حتى قبل أن يبدأ طريقهما في ظل كيان أسري له مسؤولياته والتزاماته، ويكونان فيه أحوج للمشاعر التي سبق أن أُهدرت قبل حتى الوصول إلى خط البداية.
مقال مفيد صديقي ... احسنت
مقالة رائعة
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.