عُسر الكتابة «Dysgraphia» هو مصطلح يشير إلى صعوبة في الكتابة. إذا كان طفلك يعاني من خط يد غير مقروء، أو يتجنب الكتابة، أو يستغرق وقتًا طويلاً جدًا في واجباته المدرسية، فقد لا يكون الأمر مجرد كسل أو إهمال. قد يكون مؤشرًا على وجود صعوبة تعلم محددة تؤثر على مهارات الكتابة.
في هذا المقال، سوف نتعرف على عُسر الكتابة، أسبابه، وأعراضه، والأهم من ذلك، كيف أساعد طفلي الذي يعاني من صعوبات في الكتابة؟
بطاقة تعريفية سريعة لعسر الكتابة
-
الاسم العلمي: عُسر الكتابة (Dysgraphia)
-
التعريف: صعوبة تعلم عصبية تؤثر في مهارات الكتابة اليدوية والتعبير الكتابي.
-
أبرز الأعراض: خط يد غير مقروء، بطء في الكتابة، صعوبة في التهجئة، وقبضة قلم غير مريحة.
-
الحل: التشخيص المبكر والتدخل التعليمي المتخصص (الخطة التعليمية الفردية - IEP).

الكتابة.. أكثر من رسم حروف!
يكاد يتفق معظم الخبراء على أن عُسر الكتابة يُمثِّل تحديًا في مجموعة من المهارات الأساسية تُعرف باسم «مهارات النسخ». تشمل هذه المهارات: الكتابة اليدوية، والطباعة، والتهجئة التي تُمكّننا من إنتاج النصوص كتابةً.
علامات شائعة تكشف عُسر الكتابة
من أهم العلامات التي تدل على وجود عُسر في الكتابة هي الكتابة اليدوية غير المنتظمة. وإليك بعض أعراض عسر الكتابة عند الأطفال:

-
تكوين الحروف بطريقة غير صحيحة أو غير متناسقة.
-
وضع مسافات غير منتظمة بين الحروف والكلمات.
-
صعوبة الكتابة على خط مستقيم.
-
إمساك القلم بقبضة غريبة أو مؤلمة.
-
بطء شديد في الكتابة أو النسخ.
-
كتابة كلمات غير مكتملة أو نسيان أحرف. يتطلب الأمر هنا دقة ملاحظة من الوالدين، خاصة عندما تتكرر هذه الصعوبات على نحو ملحوظ مقارنة بأقرانه.
الكتابة: تنسيق معقد بين العقل والجسد
قد تبدو الكتابة أمرًا سهلًا، لكنها مهمة معقدة، تتطلب وجود مجموعة متكاملة من المهارات الحركية الدقيقة والكبيرة، فضلًا عن التخطيط الحركي الذهني. على سبيل المثال، عندما يمسك الطفل القلم بإحكام، فهو يستخدم المهارات الحركية الدقيقة. وعندما يُبقي ذراعه ثابتًا، فهو يستخدم المهارات الحركية الكبرى. ويستخدم التخطيط الحركي لرسم الحروف، والمسافات بينها على نحو صحيح.

لتقريب الصورة أكثر من واقع حياتنا اليومية، نجد طفلًا لا يستطيع الكتابة على السطر، أو يضغط بقوة على القلم في أثناء الكتابة، أو يأخذ وقتًا طويلًا في كتابة كلمة واحدة، نظرًا لأنه لا يستطيع تذكُّر شكل الحرف أو تنظيم الحروف بجوار بعضها البعض.
هذه العلامات دلائل واضحة على وجود مشكلات لدى الطفل فيما يتعلق بالمهارات الحركية. اللافت أنه في بعض الأحيان قد يتم الخلط بين عُسر الكتابة وعُسر القراءة، على الرغم من المظاهر والأسباب المختلفة لكلٍّ منهما.
هل ما زال عُسر الكتابة يُعدّ تشخيصًا طبيًا؟
قبل سنوات، كان يُنظر إلى عُسر الكتابة على أنه أحد أنواع اضطرابات التعلّم. لكن مع تطور العلم، لم يعُد عُسر الكتابة تشخيصًا رسميًا قائمًا بذاته في الإصدار الأحدث من الدليل التشخيصي «DSM-5» الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA)، بل أصبحت أعراضه تندرج تحت تشخيص أوسع يُسمى (اضطراب التعلم المحدد مع ضعف في التعبير الكتابي). وإن كان بعض الأطباء والمعلمين لا يزالون يستخدمون المصطلح لوصف هذه الحالات.
عُسر الكتابة لا يأتي وحيدًا!
غالبًا ما يُصاحب عُسر الكتابة اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، أو اضطرابات أخرى مثل عُسر القراءة (Dyslexia). لذا، من المهم أن يخضع الأطفال لتقييم تعليمي شامل داخل المدرسة لمعرفة ما إذا كانت توجد أيُّ مشكلات تعلم عند الأطفال أخرى.
كيف أساعد طفلي الذي يعاني من صعوبات في الكتابة؟ (إستراتيجيات للمنزل والفصل)
لما كانعُسر الكتابة له مجموعة واسعة من الأعراض، فإن أساليب التعامل معه ليست واحدة. علاج عسر الكتابة لا يعتمد على الأدوية، بل على التدخلات التعليمية الفعالة. إليك بعض الاستراتيجيات التي يمكنك تجربتها في المنزل:
-
استخدام أدوات مساعدة: جرب مقابض الأقلام (Pencil Grips) المريحة التي تساعد على الإمساك الصحيح بالقلم. استخدم الورق ذا السطور البارزة أو الملونة لمساعدته على الالتزام بالسطر. لا تتردد في السماح له باستخدام لوحة المفاتيح لكتابة الواجبات الطويلة.
-
تقسيم المهام الكتابية: بدلًا من طلب كتابة فقرة كاملة، اطلب منه كتابة جملة واحدة في كل مرة. تقسيم المهمة الكبيرة إلى أجزاء صغيرة يقلل من الشعور بالإرهاق.
-
التركيز على الأفكار أولًا، ثم الكتابة: اسمح لطفلك بالتعبير عن أفكاره شفهيًا أو تسجيلها صوتيًا أو حتى رسمها قبل أن يبدأ في القلق بشأن الكتابة اليدوية. هذا يفصل بين عملية التفكير وعملية الكتابة.
-
جعل الكتابة ممتعة: استخدم طرقًا متعددة الحواس لتعليم الحروف، مثل الكتابة في صينية من الرمل أو الملح، أو باستخدام معجون الحلاقة على سطح أملس. هذه الأنشطة تقوي الذاكرة الحركية لشكل الحروف.

الدعم والتفهم هما مفتاح النجاح
من المهم تذكّر أن عُسر الكتابة ليس عجزًا أو كسلًا، بل هو صعوبة حقيقية. كن مدافعًا عن طفلك. يمكنك أنت ومدرسة طفلك وضع خطة تعليمية فردية «IEP»، تحدد هذه الوثيقة توقعات شخصية وخططًا دراسية لطفلك. إن علاج عسر الكتابة هو تحدٍّ للآباء والمعلمين، يتطلب صبرًا وتفهمًا، ووضع خطط فردية تناسب كل حالة، وتسهم في تسهيل تعلمهم لمهارات الكتابة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.