عزيزي الأب.. هكذا تكتشف موهبة ابنك!

يحرص الآباء على تنمية شخصية الأبناء وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، ولكي يتمكنوا من ذلك لا بد على الآباء أن يعرفوا مواطن القوة والضعف لدى أبنائهم، بما يضمن توجيهه نحو الوجهة التي يفضلها ويجد نفسه فيها.

في هذه المقالة، وفي ضوء نظرية الذكاءات المتعددة، نناقش فكرة اكتشاف نقاط القوة والضعف في الطفل ودور الآباء في دعم وتحفيز الطفل نحو الهواية التي يفضلها.

اقرأ أيضًا: ما مفهوم الموهبة؟ وما أهم أنواعها؟

طفلك تحت الملاحظة

ما يميز أسرة عن أخرى وأب عن أب وأم عن أم هي التربية، بعضهم يعتقد أن توفير الأكل والشرب والملبس للأبناء هذه هي التربية، وهذا اعتقاد خاطئ، فالتربية أعم وأشمل من مجرد رعاية الطفل وتلبية احتياجاته الأساسية من مأكل ومشرب وملبس وغيرها من الأشياء التي تندرج تحت بند الرعاية.

التربية تعني أن تخصص من وقتك ومالك وجهدك لأبنائك، فدورك ليس مجرد توفير المال للنفقة على الزوجة والأبناء، وإلا فما قيمة ما جمعت وما حصلت من أموال، إذا لم يشعر الابن بوجودك، يحتاج إليك فلا يجدك، يفتقدك فلا تؤنسه، يرغب بالحديث إليك فيجدك مشغولًا كل الوقت.

لا أقلل من الجهد الكبير الذي يبذله الآباء والعمل ليل نهار من أجل توفير لقمة العيش لأهل بيته، لكن أخي الكريم لا تنس أن أطفالك في مرحلة ما ليسوا بحاجة إلى المال، قدر احتياجهم لوجودك بقربهم، تتحدث إليهم وتستمع لما يدور في عقولهم، تشاركهم هواياتهم وألعابهم، وترافقهم في فسحة أو زيارة، فمثل هذه اللحظات لا يعوضها مال، كونها تنقش في عقول وقلوب أبنائكم طيلة حياتهم.

فها هو الابن صار رجلًا وأبًا ولديه أبناء، تجده عندما يجلس مع أبيه، يتذكر تلك اللحظة الجميلة المنقوشة في قلبه قبل عقله، عندما حمله والده على كتفيه ومشى به في الشارع، فوجد عربة آيس كريم، فأهدى له واحدة، يستشعر حلاوة طعمها في فمه الآن وهو يتذكرها.

اقرأ أيضًا: علامات الطفل الموهوب.. تعرف الآن

ذكريات سعيدة

تذكر عندما اصطحبت ابنتك معك وأخبرتها ألا تخبر أحدًا بوجهتكما، حتى هي لا تعرف إلى أين أنتم ذاهبون، يكفي أنها مع الأب الحنون الذي تعشقه ويمثل لها الدنيا بأسرها، مشيتما وأنتما ممسكان أيديكما كما العشاق، دون خجل من تعليق أحد، كيف لأب كهذا يضع يده في يد ابنته بهذه الطريقة ويسيران معًا في الشارع، قبل أن تدخلا أحمد المطاعم التي يقدم وجبها تحبها ابنتك، فما أن عرفت حتى سارت نحوك واحتضنتك، وأودعتك قبلة حانية على جبينك وجبهتك وارتمت بين يديك.

معقولة يا أبتي، يا لها من مفاجأة جميلة جدًّا، لم أكن أعلم أنك تفكر بهذه الطريقة التي تجعلني سعيدة، معقول يا أبتي، على الرغْم من كل مشاغلك وأعمالك، تتذكر ابنتك ووجبتها المفضلة!

ترى لو أن هذا الأب لم يكن ملاحظًا جيدًا ومراقبًا لأبنائه، هل كان يعرف ما يسعدهما وما يحزنهما؟ بالتأكيد لا، لذلك أيها الأب الكريم، أيتها الزوجة الكريمة، عليكما أن تكونا قويا الملاحظة لتصرفات وسلوكيات أبنائكما، تعرفان نقاط القوة عنده فتدعمونها، وتضعون أيديكما على نقاط الضعف فتعالجونها.

اقرأ أيضًا: كيف تعزز لدى طفلك ثقته بنفسه واحترامه لذاته

نقاط قوة ابنك

فقد تكون نقاط قوة ابنك في التدين والأشياء الروحية، وقد تكون نقاط قوة ابنتك، في المشاعر والعواطف، وقد تكون في المهارات اللغوية، وقد تكون في العلاقات الاجتماعية، وقد تكون في الاهتمام بالبيئة وغيرها، المهم أن تضع يدك على نقاط القوة والضعف عند ابنك.

المهم أن تضع يدك على نقطة تميز ابنك أو ابنتك، في مجال من المجالات، لذلك ظهرت دراسات حديثة تهتم بنظرية الذكاءات المتعددة، فلم يعد هناك مجال للحديث عن نسبة ذكاء الطفل، لأنه وحسب الدكتور مصطفى أبو سعدة -استشاري تربوي- فإن كل الأبناء أذكياء، لذا السؤال يكون: ما نوع الذكاء عند ابنك؟

إذا دققت النظر في الأطفال، ستجد لكل منهم هوايته المفضلة، والهواية جزء من الذكاء، لذلك يقولون بأن أسعد إنسان هو من كانت هوايته مهنته، لا شك أنه سيبدع فيها، ويظهر أفضل ما لديه، لأنه تمثل شغفه ومحور اهتمامه، لذلك كثيرًا ما أصبحنا نرى هذه الأيام، طبيبًا أو مهندسًا أو غير ذلك، تركوها تخصصاتهم، لمجالات أخرى تمثل اهتماماتهم غير عابئين بكلام الناس ولا نظرتهم.

اقرأ أيضًا: المفاهيم الأساسية لتعزيز الانتماء والقيم لدى الأطفال

نظرية الذكاءات المتعددة

الإنسان إذن يمكنه أن يغير مهنته أو تخصصه لأخرى تنسجم وهواياته المفضلة، فتلك سعادته ونجاحه وتميزه، لذا إن قوة الملاحظة عند الوالدين قد توجه الابن لتنمية نقاط القوة لديه بواسطة تنمية هوايته المفضلة.

فالذكاءات المتعددة نظرية علمية تقدم مفهومًا واسعًا للذكاء يتخطى المفهوم المتعارف، فكل الأطفال دون استثناء يمتلكون قدرات وإمكانات ومهارات، إذا ما اكتشفها الوالدان، حينئذ تستطيع توجيه الطفل نحو المهارة التي يتقنها أو يفضّلها. مثل الذكاء اللغوي، والذكاء الاجتماعي، والذكاء الرياضي أو الرقمي، والذكاء الحركي، والذكاء البيئي، وغيرها من أنواع الذكاءات المتعددة.

فأصبح بإمكان الآباء الاستفادة من نظرية الذكاءات المتعددة، في توجيه الأبناء نحو نقاط القوة عندهم، فالطفل الذي لا يتأثر بالتقد أو اللوم، هو شخص لديه ذكاء قوي جدًّا، لأنه يقبل ذاته ويدافع عن رأيه، وهذه نقطة غاية في الأهمية؛ لأنها تكبر معه، فيصير شابًّا يعتز بنفسه، ولا يمكن تحقيق ذلك دون تشجيع من الآباء للأبناء بالانخراط في الأنشطة المختلفة.

خلاصة القول، كلما كان الوالدان قريبين من طفلهما؛ كان ذلك أدعى أن يضعا أيديهما على نقاط القوة لديه، ويعملان على تنميتها وصقلها منذ الصغر وتوجيهه نحو المجال الذي يظهر فيه موهبته وإبداعه، ويجب الأخذ في الاعتبار أنها عملية مستمرة تتطلب الملاحظة والتوجيه الدائمين من الوالدين، ولا ننس أهمية التشجيع والدعم المستمر كي تكون قوة دافعة للابن نحو التميز.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة