عرار والنور.. نبذة عن الشاعر «مصطفى وهبي التل»

ولد مصطفى وهبي التل، أو عرار كما أحب أن يُسمى، في مدينة إربد، ونشأ بين سنابل قمحها لعائلة ذات مكانة مرموقة. بدأ تعليمه في الكتّاب، ثم التحق بالمدارس الحكومية العثمانية في إربد وعمان، وأكمل دراسته الثانوية لاحقاً في دمشق.

نشأة الشاعر مصطفى وهبي التل

نشأ عرار شاعراً متمرداً، مثقفاً يعشق الحياة والأدب العربي، وصاحب رؤية نقدية واجتماعية حادة. تميز شعره بالسخرية، الصدق، والدفاع عن الفقراء والمظلومين. تأثر كثيراً بعلاقته بالنُّور وأسلوب حياتهم، ولعل أبرز أعماله كان ديوان "عشيات وادي اليابس" (1955)، الذي جُمعت قصائده ونُشر بعد وفاته.

عرار كان معروفاً بابتعاده عن حياة الترف والطبقات المخملية، ووجد في النُّور والبدو منبع إلهامه. كان يرى فيهم بساطة الحياة، حريتها، ورفضها للقيود الاجتماعية التي كانت تثير غضبه كشاعر متمرد. اعتبر عرار النُّور رمزاً للحرية والتمرد على القيود الاجتماعية والطبقية.

وجد بينهم مجتمعاً يشبه روحه البسيطة والمتمردة، فكان ينظر إليهم بعين التعاطف، معبراً عن حبّه لهم وسعيه لنقل أصواتهم ومعاناتهم إلى العالم.

لم يكتفِ عرار بالدفاع عن النُّور ومحاولة إيصال صوتهم، بل رفض بشدة وصمهم بالسرقة أو الجريمة، وهو ما كان شائعاً بحقهم في المجتمع.

خصّ عرار المرأة النورية في شعره بذكر خاص، حيث عبّر عن إعجابه بجمالها الطبيعي وجرأتها. كانت المرأة النورية بالنسبة له رمزاً للجمال العفوي والحرية، ما عكس تقديره لها كجزء من مجتمع النُّور الذي يتسم بالببساطة والتحرر.

علاقة عرار بالنُّور كانت علاقة فريدة، لم تكن مجرد انبهار بفئة مختلفة، بل امتداداً لثورته الداخلية ضد الفساد والظلم. أضافت هذه العلاقة بُعداً إنسانياً وشعبياً لشعره، وجعلته قريباً من قلوب البسطاء.

من أبياته الشعرية

ومن أبرز أبياته التي تغنّى فيها بالنُّور:

وبنتُ النُّور ما زالتْ تغنّي

على المِزمار ألحانَ الجمالِ

تَكِدُّ لِيومِها زهراءَ خِدرٍ

وتَمرحُ بين أطلالِ الرّمالِ

رغم غرابة عرار وجمال شعره المختلف، كان تواضعه وقربه من الناس سبباً رئيساً في محبة الناس له وانتشار شعبيته. قضى وقتاً طويلاً مع النُّور وتعلّم منهم البساطة والصبر على قسوة الحياة، ما جعله أكثر قرباً من الفئات المهمشة وساعد في وصول شعره إلى مختلف طبقات المجتمع.

من أشعار مصطفى وهبي التل

استخدم عرار النُّور في فلسفته وأدبه كرمز للنقد الاجتماعي، مهاجماً الطبقات العليا التي تجاهلت معاناة البسطاء. رأى في النُّور رمزاً للاستقلالية ورفض السيطرة المجتمعية، واعتبرهم أحراراً حقيقيين.

لكل شاعر قصة أو ملهمة يكتب عنها، لكن عرار كان حبيباً للحرية، للتمرد، ولأصالة البساطة. وجد كل ما كان يبحث عنه في النُّور، فكتب لهم وعنهم، مدافعاً عنهم، ليُسمع أصواتهم الضعيفة لمن لم يعرف نبرتها.

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة