إذا ركبت سفينة فضائية بغرض استكشاف العالم الخارجي ما وراء السماء، ستجد أن السفينة تعبر طبقات الغلاف الجوي بسرعة هائلة، ثم تقل سرعتها تدريجيًّا لتجد نفسك وسط فراغ هائل من الظلام.
لن تلبث أن تجد حولك أجسامًا غريبة تدور وتسير في هذا الفراغ بسرعة هائلة، فدعنا نتعرف عليها منذ البداية.
ما الفضاء؟
هو المنطقة الواقعة بعد الغلاف الجوي مباشرة، بمسافة 100 كيلومتر ارتفاعًا عن سطح كوكب الأرض، وهو خالٍ من الهواء، ويمتاز بلونه الأسود الداكن.
لماذا الفضاء أسود والسماء زرقاء؟
لأن أشعة الشمس عندما تصطدم بجزيئات الأكسجين على الأرض تُسبب تشتت الضوء فتظهر السماء باللون الأزرق الجميل الذي نراه، أما الفضاء فلا يحتوي على أكسجين لتشتت الضوء لذلك يبدو مظلمًا.
كذلك نجد أن الفضاء يغلفه الصمت التام بسبب غياب جزيئات الهواء التي تعمل على نقل الصوت من مكان لآخر على وجه الأرض، لذا فهو صامت ومظلم.
والفضاء ليس فارغًا كما يبدو من اسمه، بل هو يحوي مئات الأجسام المتحركة التي تدور فيه، مثل الكواكب والنيازك والشهب والمذنبات وغيرها، وسنتحدث عنها بالتفصيل إن شاء الله.
هل الفضاء هو الكون؟
إن الكون كلمة واسعة تشمل الفضاء وما يحويه وكوكب الأرض وغيره من الكواكب، أما الفضاء فهو مصطلح يعني الفراغ الهائل الموجود خارج كوكب الأرض، فهو جزء من الكون وليس كله.
كيف نشأ الكون؟
وضع العلماء نظريات عدة لنشأة الكون، أكثرها ميلًا للصحة هي نظرية (الانفجار العظيم)، وهي نظرية وضعها العالم البلجيكي جورج لومتر عام 1927م.
تتلخَّص هذه النظرية في أن الكون كان كتلة كبيرة ضخمة من الغازات والحرارة، وبسبب الضغط الكبير الناجم عن شدة الحرارة، انفجرت هذه الكتلة لتتناثر جزيئاتها في كل صوب، ومع مرور الوقت تكوَّنت الكواكب والنجوم وغيرها مما يدور في الفضاء.
في عام 1989م أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) أول قمر صناعي للفضاء ليعود بمعلومات دقيقة جمعها خلال ثلاث سنوات تؤيد نظرية الانفجار العظيم.
إن هذه النظرية هي ما يشرحها القرآن الكريم في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: 30]، وتفسير الآية باختصار أن السماء بما تحويه من نجوم وكواكب، والأرض -أي الكون كله- كانا ملتصقتين أي كتلة واحدة، وكلمة "فتق" تدل على الانفصال والانفجار.
نظرية تمدد الكون
يقول العلماء إنه وفقًا لنظرية الانفجار العظيم، فإن الكون يتمدد باستمرار حتى يصل إلى درجة معينة تتوقف فيها قدرته على التوسع والتمدد ليبدأ في الانكماش ببطء ويعود كما بدأ، ويُفسِّر علماء الدين هذا الانكماش بيوم القيامة.
وقد أشار القرآن الكريم إلى توسع الكون كما قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47]. كما أشار إلى انطواء الكون على نفسه مجددًا في قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104].
لماذا لا نعيش في الفضاء؟
لقد خلق الله تعالى أجسام الكائنات الحية كلها بلا استثناء بحاجة للهواء والأكسجين، وهذا ما ليس متوفرًا في الفضاء كما قلنا، كذلك فإن الصمت المطبق في الفضاء يصيب الإنسان بالجنون؛ لأن الأذن البشرية تحتاج لسماع بعض الأصوات من حين لآخر ولو بقدر بسيط، وهذه معاناة من يولدون صُمًّا لا يقدرون على السماع.
دعك من أن الإنسان لا يمكنه بناء بيوت أو العيش في فراغ، فلا بد من أرض صلبة وسطح ثابت، ولا تنسَ أن جاذبية الأرض هي من تجعل جسدك ثابتًا لا يطير مثلاً، لذا يحتاج رواد الفضاء لأزياء معينة وطريقة معيشة غاية في الصعوبة، حتى إنهم لا يتنقلون مثلنا على أرجلهم.
ماذا لو خرجت للفضاء دون بدلة واقية؟
إن خروجك خارج الغلاف الجوي دون بدلة واقية مستحيل أصلًا، لكن لنقل إن ذلك حدث ووصلت للفضاء دون زي واق، فستموت خلال دقيقتين من العذاب.
ستفقد الوعي مدة 15 ثانية في البداية بسبب انعدام الأكسجين اللازم لكل كائن حي، وبسبب انعدام الضغط الجوي سيبدأ دمك وكل السوائل في جسمك بالغليان، هذا الغليان بدوره سيؤدي إلى تمدد أعضاء الجسم كلها بما فيها الجلد، ومع استمرار التعرض لأنواع مختلفة من الإشعاع إلى جانب التغير الهائل في درجة الحرارة، يصبح انفجار الجسم محتملًا بعد دقيقتين على الأكثر.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.