(ظل راجل ولا ظل حيطة) هو مثل من الأمثال الشعبية المنتشرة داخل مجتمعنا المصري، والذي ما زال يسري على ألسنة الناس وخاصة الأمهات والجدات، وأصبح عقيدة راسخة في أذهانهن على الرغم من أنه ينطوي على ظلم وقهر للمرأة، ويضعها في مرتبة أدنى من الرجل فضلاً عن دعم الهيمنة الذكورية، وتقليص وتحجيم أدوار المرأة المتعددة في المجتمع، واختزالها وحصرها في شغل البيت وإنجاب الأطفال، وخدمة الرجل وتلبية طلباته فهل حقاً يُعدُّ الرجل ظلاً؟ وهل يصلح جميع الرجال أن يكونوا ظلاً للمرأة؟
للأسف لم يعد الرجل مثل ذي قبل، وأصبح المجتمع يعجّ بنماذج سيئة من الرجال، لا يختلفون عن الحائط في شيء، وربما يكون للحائط جدوى عنهم وفائدة أكثر منهم، لا سيما بعد أن أصبحت المرأة اليوم تقوم بنفس مهام الرجل، بل وتتفوق في أدائها عليه إلى جانب دورها في البيت ورعاية وتربية الأبناء، فنجد نموذج الرجل البخيل، والرجل الكذاب المخادع، والرجل الهش المتواكل الذي لا يقوى على تحمل المسؤولية، والرجل الخائن متعدد النزوات والعلاقات العاطفية، والرجل الشكاك، والرجل الجاهل، والرجل متبلد الأحاسيس والمشاعر، والرجل العنيف المتغطرس صاحب شخصية (سي السيد) وغيرهم كثيرون لا يتسع المقام لذكرهم وإلقاء الضوء عليهم.
فمثل هؤلاء الرجال لا يصلحون ليكونوا ظلاً تحتمي به المرأة من شمس الأيام، بل إن الحائط الذي يظل ويستر أفضل منهم مائة مرة حتى لو كان مائلاً، وليس هناك فائدة ولا طائل منهم وتستحيل معهم حياة المرأة إلى جحيم وغالباً ما تؤول إلى الفشل ومن ثم الطلاق، وهذا لا يعنى أن جميع الرجال سيئون، بل هناك أيضاً رجال أسوياء على قدر من المسؤولية لهم منا كل تقدير واحترام، فالهدف من هذا المثل هو الضغط النفسي على الفتيات وإقناعهن بأن سندهن وملاذهن الآمن والوحيد في الحياة هو الاحتماء بظل رجل دون أن يعرن اهتماماً لتعليمهن ولعقولهن وتحققهن واستقلالهن المادي، ولم تقف أهمية هذا الظل (ظل راجل) عند حد الفتيات فقط، بل إمتد ليشمل السيدات وتهديدهم وتخويفهم بفزاعة نظرة المجتمع المتدنية والسيئة للمطلقة، لإقناعهن بالاستمرار في زيجة تعسة، والعزوف عن الطلاق، فأصبح الرجل محوراً أساسياً ترتكز عليه حياة معظم الفتيات، وأصبح جل طموحهن وهدفهن في الحياة هو كيفية الإيقاع برجل، والفوز به ليحتمين بالظل الذي رسخته ثقافة المجتمع في عقولهن.
هل سبق أن رأيتن رجلاً يسعى للزواج بامرأة أو يعتبرها مظلته الوحيدة بالحياة؟ لم كل هذا الشعور بالدونية والنقص بجانب الرجل؟ وكأن الرجال يقطنون في برج عال، والنساء قابعات في القاع، ومن يحالفها الحظ هي التي تستطيع أن تقنع رجلاً أن يسقط إلى قاعها، هل فعل الرجال فيكن ما يفعلون إلا لشعوركن هذا بالضآلة والتحقير حد الخنوع والانسحاق؟ هل سبق أن اضطهدكن رجل كما تضطهدن أنفسكن؟ اصنعن من نجاحكن وتحققكن خطى تسرن عليها، اصنعن من أنفسكن حلماً يسعون هم إلى تحقيقه، والوصول إليه، واصنعن من ظلكن نجاحاً يسعى جميعهم للوقوف بجانبه، علياء أنوثتكن مجد لا تدنسنه برواسب مجتمع ذكوري أفسدت عليكن نشوة الشعور بالاستعلاء والاستحقاق ومتعة الاعتداد بالذات.
مارس 17, 2022, 1:17 م
نفس التفكير
مايو 9, 2023, 9:18 م
🌹 جميل التعبير
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.