ظلم المرأة في المجتمعات العربية

يقولون إن المرأة نصف المجتمع لكن الحقيقة المنصفة أن المرأة هي المجتمع بأسره؛ وذلك لدورها الفعال في كل نواحي الحياة، فهي الزوجة والأم والأخت، وهي الركيزة الأساسية التي بكمالها يرتقي المجتمع ويتقدم.

وهو أمر غفلت عنه للأسف المجتمعات العربية في العصر الحديث؛ ما  أدى للضعف والاهتزاز الذي بات جليًّا في مجتمعاتنا العربية، وأصبحنا نلحظه بوضوح تام، بل إن البعض يسعى لتهميش دورها ويضعها في توابيت جامدة من شأنها أن تضعها في خانة الخادمة، دون الالتفات لحقوقها.

ليس هذا فقط بل يوجد اتفاق عربي شبه كامل على تربية المرأة منذ نعومة أظافرها على ضرورة السمع والطاعة والخنوع، ويجب عليها لكي تحظى ببعض التقدير الزائف أن تكون الشمعة التي يجب أن تحترق لتسعد غيرها، مع أن في ذلك إهدارًا لحقوقها، فضلًا عن كونه محاولة لاغتيال طبيعتها وحصرها في كونها خادمة.

فضلًا تابعوا السطور التالية؛ لنرى كيف تُظلم المرأة في المجتمعات العربية المعاصرة.

قد يعجبك أيضًا من كتاب " الجنس الآخر ".. هل الأنوثة كافية لتعريف المرأة؟

ظلم المرأة في المجتمعات العربية قديمًا 

ظلم المرأة في المجتمعات العربية ليس وليد اللحظة، ولا نستطيع أن ننسب الضرر الواقع عليها للتقدم التكنولوجي الحديث، إذ إن ظُلمها امتد لعقود طويلة، وتأصل في الوجدان الفكري لعقود طويلة، فها هي المرأة في الجاهلية توءد صغيرة.

وإذا حالفها الحظ ونجت من القتل لحظة ميلادها، فإنها لن تنجو من التفكير العقيم الذي جعلها تُورَّث مثل المتاع، ومنعها حتى من إبداء الرأي في حياتها الخاصة.

ومن الجدير بالذكر أن ظلم المرأة لم يقتصر قديمًا على العرب، بل امتد ليشمل الحضارات والثقافات الإنسانية قاطبة، فها هي الهند تحرق المرأة بمجرد وفاة زوجها، وهناك من يراها صورة للشيطان، ووجودها يحض على الإثم.

ومنهم من يعدها غير كاملة ويرفض التعامل معها أو الأكل والشرب من يدها في وقت حيضها، بل حبسها في أماكن منعزلة خشية أن يلحق به أذى.

وبعض البلاد كالصين كانت تعطي الرجل حق دفنها وهي حية، والبعض الآخر كان يربطها في عجلات الخيول ويجرها في الطرقات إلى أن تفارق الحياة دون أي خوف من عقوبة أو وازع من ضمير.

قد يعجبك أيضًا صورة المرأة الصحراوية في رواية تلك المحبة للسايح لحبيب

ظلم المرأة في المجتمعات العربية الحالية

أما في العصر الحالي وعلى الرغم من حصول المرأة على بعض الحقوق كالحق في التعليم والمشاركة في الانتخابات وغيرها، لكن المرأة ظلت تعاني حتى هذه اللحظة من وقوع الضرر عليها في نواحٍ متعددة، منها على سبيل المثال لا الحصر

تفضيل الذكور على الإناث

وهو تفكير راسخ في أغلب المجتمعات العربية ويصعب تجاوزه.

الحرمان من الميراث

وينتشر حرمان المرأة من ميراثها في أغلب المجتمعات العربية؛ خشية أن يذهب مال العائلة لزوجها الغريب.

إجبارها على ترك الدراسة

فالبعض لا يرى ضرورة في تعليم الفتيات من الأساس

إجبارها على الزواج دون أخذ موافقتها

استخدامها سلعة في مجال الإعلانات

إذ إن الإعلانات تعتمد على المرأة وكأنها وسيلة رخيصة لترويج السلع.

قد يعجبك أيضًا نظرة المجتمع إلى المرأة قديمًا و حديثًا

عدم تقديم الدعم للمرأة

المرأة في المجتمعات العربية قد تتحمل المسؤولية في بعض الحالات، وتخرج لسوق العمل لحاجتها للمال، دون مراعاة كونها أمًّا حاضنة لصغار، أو قد تكون في مدة حمل أو ترعى رضيعها.

انتشار ظاهرة التحرش بالنساء

ويدل انتشار تلك الظاهرة على النظرة الدونية تجاه المرأة.

ترسيخ المبادئ التي لا تنصفها

وذلك عن طريق وسائل التربية والمناهج التعليمية التي تحصر دومًا دورها في نطاق أشبه ما يكون بالخادمات، بل يقع على عاتقها كل المهام المنزلية ومذاكرة الصغار ورعايتهم، دون الالتفاف لحقها المشروع في الحصول على الراحة كأي مخلوق على وجه الأرض.

إلزامها بخدمة أهل زوجها

وهي بلية جديدة في العصر الحديث، إذ باتت المرأة ملزمة بخدمة أهل زوجها، بل وتُعاقب وتُهدد بالطلاق والتعدد إذا اعترضت

الزواج المبكر

بعض الحالات تتخلص من الفتيات بتزويجهن في سن مبكرة للغاية.

العنف البدني

تعاني كثير من النساء والفتيات من العنف غير المبرر من جماعة الذكور المتمثلة في الأب أو الأخ أو الزوج، بل إن الأمر قد فاق الحد في بعض المجتمعات المتخلفة، فنجد جرائم قتل النساء تحت حجج واهية.

العنف اللفظي

وهو لا يقل خطورة عن العنف البدني؛ لأنه يسبب ألمًا نفسيًّا يصعب تجاوزه، وهو للأسف أصبح شائعًا وبصورة كبيرة، فالرجل العربي يَعِدُّ المرأة عقب الزواج بها وكأنها ملك له وخادمة وأسيرة، ولا يكلف نفسه عناء اختيار كلمات رقيقة تتناسب مع طبيعتها المرهفة.

وليت الأمر يقتصر على هذا بل يتحدث إليها في بعض الحالات بألفاظ نابية تنم عن عدم وعي وجهل تام وتقصير من البيت والمؤسسات التعليمية في تربية الزوج وتنشئته على احترام المرأة وتبجيلها.

فأغلب الرجال لا يعي ولا يدرك ولا ينتبه لكيفية معاملة الزوجة ولا الحديث معها.

استخدام الدين لإرهابها

نظرًا لهيمنة جماعة الذكور في مجال الدعوة؛ لهذا يؤكدون على الأحاديث التي تحث المرأة على الامتثال لأمر الرجل حتى تدخل الجنة.

لكن ما يتعلق بحسن معاملة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لزوجاته والحرص على راحتهن بل وقيامه صلى الله عليه وسلم بكل شؤونه الخاصة بيديه أخفوها وجعلوها في طي الكتمان، فالرجل يطالب المرأة بواجباتها دون أدنى التفات لحقوقها المهدرة.

قد يعجبك أيضًا تمكين المرأة.. إطلاق العنان لإمكانات الغد الأكثر إشراقًا

موقف الدين الإسلامي من ظلم المرأة 

حرم الدين الإسلامي الحنيف الظلم بكافة أشكاله، وأنصف كل ما له روح، بل جاءت أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لتؤكد على الاهتمام بالمرأة ومراعاة مشاعرها الرقيقة والأخذ بعين الاعتبار ضعفها وتغلب عواطفها على تصرفاتها وكلامها.

وها هو الرسول صلى الله عليه وسلم وهو خير من مشى على وجه الأرض يقول: «استوصوا بالنساء خيرا»، ونجح الدين الإسلامي بسماحته في وضع المرأة في مكانة رفيعة تليق بها.

وها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ بمشورة أم سلمة، ويمازح السيدة عائشة ويسابقها ولا يخجل من أن يفصح عن حبه لها علنيًّا، ليعلِّم الرجال احترام حقوق النساء، ويمنع الآباء من تزويج بناتهن دون موافقتهن، ويحث على إعطاء المرأة حقوقها كاملة وعدم إرهاقها.

بل أوصى القرآن الكريم بالعدل بين الزوجات في حالة التعدد، وإلا جاء الزوج الظالم يوم القيامة وأحدى شقيه مائل؛ عقوبة له على التفريق في معاملة زوجاته

وختامًا فإن المرأة العربية تئن من ظلمها وتطالب جماعة الرجال بالعمل بوصية الإسلام وحسن معاملة المرأة، بل لا بد من مراجعة شاملة للمناهج التعليمية، وتخصيص دورات تدريبية إلزامية في مختلف مراحل التعليم؛ للتوعية بكيفية التعامل مع المرأة كونها أختًا وزوجة وأمًّا، فضلًا عن توقيرها ووضعها في مكانة مناسبة.

ليس هذا فحسب، بل لا بد من دعم المرأة من قبل الحكومات، وتوفير سبل الراحة لها، ومد يد العون، وليت الأمر يُطبق فعليًّا لكي نرى نتائج ملموسة تنعكس إيجابيًّا على المرأة.

ولا يقتصر الأمر على مجالس وهمية تقام من باب حفظ ماء الوجه ويقتصر اهتمامها بشريحة معينة من النساء، وغض الطرف عن الشريحة الكبرى التي تحتاج للاهتمام والرعاية.

دمتم بكل ود.

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة