قد يضطر بعض الأشخاص لترك أطفالهم بالمنزل وهم دون سن الثانية عشرة، فإن هذا الأمر قد يؤدي إلى مجموعة من الآثار والتبعيات على مشاعر الطفل وتركيبته النفسية، ثَمّ سلوكه فيما بعد من حياته، وهي الظاهرة التي يطلق عليها ظاهرة أطفال المفاتيح.
وفي هذا المقال نتناول ظاهرة أطفال المفاتيح بالشرح والتحليل، إضافة إلى بعض النصائح التي يمكنك بها تقليل الآثار السلبية في هذه المدة.
ما ظاهرة أطفال المفاتيح؟
عندما يضطر الوالدان إلى ترك أولادهم الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والثانية عشرة في المنزل دون رعاية لأسباب اجتماعية أو اقتصادية، مما يضطر الأولاد إلى رعاية أنفسهم حتى عودة أحد الأبوين؛ فإن هذه الظاهرة التي يطلق عليها أطفال المفاتيح تؤدي إلى بقاء الأطفال ساعات طويلة يضطرون معها إلى رعاية أنفسهم، أو حتى رعاية الأطفال الأصغر سنًّا، وهو ما يؤدي بدوره إلى مشكلات نفسية كبيرة قد تؤثر في تربية الطفل وسلوكه.
ظهر هذا المصطلح أول مرة عام 1944 وتحديدًا ببريطانيا في أثناء الحرب العالمية عندما كان أحد الأبوين يشارك في الحرب، في حين الآخر مضطر للعمل؛ وعلى هذا كان الطفل يعود من مدرسته حاملًا مفاتيح المنزل ومضطرًا للبقاء وحده أو مع إخوته الصغار حتى عودة الأم من العمل.
زاد استخدام مصطلح أطفال المفاتيح في السبعينات والثمانينيات مع ارتفاع معدلات الطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى زيادة نسبة وظائف النساء التي أدت إلى اضطرار نحو 3 ملايين طفل للبقاء وحدهم في المنزل حتى عودة الآباء والأمهات من العمل، وهو ما دفع كثيرًا من الباحثين وعلماء النفس إلى دراسة هذه الظاهرة والخروج بنتائج مهمة.
خطورة ترك الأطفال وحدهم بالمنزل
تتحدث الدراسات التي أجريت على ظاهرة أطفال المفاتيح عن تأثير الأوقات الطويلة التي يقضيها الأطفال بلا رعاية، خاصة هؤلاء الذين لم يتجاوزوا العاشرة، فيشيع لديهم الإحساس بالقلق والملل والوحدة، وهو ما يؤدي بعد ذلك إلى عدد من الظواهر السلوكية السلبية مثل الاختلاط الجنسي والمخدرات والتدخين، وربما الانخراط في مجموعات المراهقين التي تمارس عمليات التنمر والتخريب.
أشارت الدراسات أيضًا إلى الأطفال الذين يضطرون للعناية بأشقائهم الأصغر سنًّا، وهو ما يحتاج منهم إلى لعب دور الأشخاص الكبار والقيام بالأعباء والمسؤوليات التي لم يستعدوا لها بالقدر الكافي، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع فرص إصابة الطفل بالعديد من الأزمات النفسية والانحرافات السلوكية بعد ذلك، إضافة إلى التعرض لنوبات الهلع والخوف والقلق، وفي بعض الأحيان يصاب الأطفال بحالات من حب التحكم والسيطرة والإيذاء نتيجة عدم وجود من يضبط الإيقاع ويحدد الصواب والخطأ ويمنح الحماية للكبار والصغار.
ماذا تفعل إذا كنت مضطرًّا؟
لا يعد الأمر مجرد رفاهية أو اختيار لدى كثير من الأسر، فتضطر الأسر التي تعاني من الأوضاع الاقتصادية أو الظروف الاجتماعية إلى ترك الأولاد في المنزل ساعات طويلة سواء منذ مغادرة الوالدين في الصباح أو منذ عودة الأولاد من المنزل حاملين المفاتيح ومضطرين لقضاء الأوقات دون رعاية من أحد الوالدين؛ لذا فإن المتخصصين ينصحون بعدم ترك الأطفال مهما حدث وحدهم بالمنزل إذا كانوا أقل من 8 أعوام، أما إذا كان الأطفال بين 8 و10 سنوات فيمكن تركهم وقتًا لا يتجاوز ساعة ونصف، والأطفال أكبر من 10 سنوات يمكن تركهم وقتًا لا يتجاوز 3 ساعات، وأما الأطفال الذين تجاوزوا 12 عامًا إلى 16 عامًا يمكن تركهم طوال النهار، لكن الأمر لا يتضمن المبيت وحدهم.
ينصح الخبراء أيضًا بالتحقق من قدرة الطفل على رعاية نفسه بقدر الإمكان وتقديم كل ما قد يحتاج إليه الطفل في أثناء غياب الوالدين من أجل التقليل من الآثار السلبية إذا كان لابد من الأمر، فيجب تشجيع الطفل ومدحه وتشجيع مشاعر الاحترام بين الأبناء حتى يسهل التعامل والتواصل بينهم في أثناء غياب الوالدين، إضافة إلى عدم إثقال الطفل بالمهام التي لا تتناسب مع عمره مهما كان الطفل يظهر الشجاعة والقدرة على تحمل المسؤولية.
إجراءات الأمن والسلامة
عندما تترك أولادك في المنزل يجب أن تكون متحققًا من قدرة الأطفال على فتح الباب وإغلاقه، إضافة إلى قدرة الطفل على استخدام الهاتف للاتصال في حالات الطوارئ، كذلك قدرة الطفل على التعامل مع الغرباء وعدم فتح الباب مهما كان الأمر، إضافة إلى تقديم الحلول والبدائل للمشكلات التي يتوقع حدوثها في أثناء غيابك، مثل انقطاع التيار الكهربائي أو تسرب الغاز، وهي الأمور التي تعتقد أن فرص حدوثها قليلة لكنها ممكنة الحدوث.
يجب أن تضع قواعد للأطفال في أثناء غيابك عن المنزل، مثل عدم استخدام موقد الغاز، إضافة إلى الابتعاد عن السكاكين والأدوات الحادة، كذلك يجب أن يكون الطعام والشراب المسموح لهم باستخدامه في متناول أيديهم، ولا يحتاج إلى مجهود كبير من أجل التعامل معه، مثل عمليات التسخين أو فك التغليف أو إخراجه من الأواني الكبيرة إلى الأطباق الصغيرة.
توجد حلول رقمية عدة يمكنك استخدامها في هذه الظروف مثل ساعات ال جي بي أس أو الهواتف التي تدعم نظام تحديد الموقع، ويمكنك استخدام الكاميرات المنزلية التي تمكنك من مراقبة الأطفال بالصوت والصورة.
وفي الأخير فإن مسألة ترك الطفل دون رعاية ساعات طويلة ليست مسألة آمنة ويفضل تجنبها بقدر الإمكان والالتزام بالنصائح السابقة في حالة الاضطرار إليها.
موضوع مهم جدا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.