حين نتحدث عن «طفل الثقافة الثالثة» فإننا ندخل عالمًا معقدًا يتجاوز مجرد التعريف. إنها تجربة فريدة لأطفال ينشأون في بيئة ثقافية تختلف عن بيئة آبائهم الأصلية.
وتعكس حياة هؤلاء الأفراد كثيرًا من التحديات والفرص التي يتعين عليهم التغلب عليها والتعامل معها.
اقرأ أيضاً الهدية بين الموروث الثقافي والمردود المعنوي
من طفل الثقافة الثالثة؟
طفل الثقافة الثالثة هو من نشأ في بيئة ثقافية تختلف عن ثقافة أصول أبيه وأمه، ما يجعل لديه هوية فريدة تجمع بين عالميْن مختلفيْن.
ولا يقتصر هذا الاسم على من هم دون سن الـ 18، بل يُراد به أثر التنشئة الذي يمتد العمر كله. يمتلك مثل هذا الفرد هويات متعددة تندرج تحت اسم «ثقافة ثالثة» تجمع بين الثقافة التي نشأ فيها والثقافة التي تربَّت عليها أسرته.
وغالبًا يكون ملمًّا بلغات متعددة وعادات مختلفة، ما يمنحه منظورًا فريدًا للعالم. يواجه طفل الثقافة الثالثة تجارب وتحديات فريدة تتعلق بالهوية والتكيف ضمن بيئات متعددة.
اقرأ أيضاً التعليم في بيئات متعددة الثقافات
تحديات تواجه طفل الثقافة الثالثة
الهوية المتشعبة
يواجه أفراد الثقافة الثالثة تحديًا كبيرًا في تحديد هويتهم. فهم ينتمون لثقافة البلد الذي يعيشون فيه، ولكنهم يتأثرون أيضًا بثقافة آبائهم.
هذا التضارب في الهوية يمكن أن يكون مصدرًا للضغط النفسي. على سبيل المثال، يمكن للطفل الذي نشأ في الولايات المتحدة لأسرة صينية أن يجد نفسه في موقف صعب عندما يُطلب منه تحديد مكانته الثقافية أو إظهار ولائه القومي.
التكيف المستمر
يجد طفل الثقافة الثالثة نفسه في حالة مستمرة من التكيف مع بيئة جديدة ومجتمع مختلف، وقد يكون هذا مجهدًا ومكلفًا على الصعيد العاطفي والنفسي والاجتماعي. فمثلًا، قد يتعين على الطفل الذي انتقل بين عدة دول خلال فترة طفولته أن يتعلم لغات جديدة ويتكيف مع عادات وتقاليد مختلفة في كل مكان يعيش فيه.
الانتماء المجتمعي
قد يجد من نشأ ضمن ثقافة ثالثة صعوبة في الانتماء إلى مجتمع معين. فهم يختلفون عن أقرانهم من الناحية الثقافية، ما يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالعزلة والوحدة وعدم الانتماء.
اقرأ أيضاً الثقافة واختلاف الثقافات وتأثيرها في التواصل والعلاقات
كيف نحل هذه التحديات؟
تعزيز الفهم الثقافي
ينبغي على كبار أفراد الأسرة تعزيز الوعي حول أهمية فهم الثقافات المتعددة، إذ تساعد المشاركة النشطة في الأنشطة الثقافية والاحتفالات في تشجيع الطفل لتطوير هويته على نحو سليم.
على سبيل المثال، من الممكن اصطحاب أطفال الثقافة الثالثة في رحلات إلى أوطان الآباء الأصلية لفهم وترسيخ الارتباط بالثقافة الأصلية.
التعليم المستدام
من المهم تقديم بيئة تعليمية مستدامة تتيح لطفل الثقافة الثالثة إكمال مراحل تعليمه بسلاسة في أي مكان ينتقل للعيش فيه. ويمكن تحقيق ذلك بالاستفادة من التكنولوجيا والتعليم عن بُعد.
دعم الصحة النفسية
يجب على الأهل والمدرسين وأفراد المجتمع تقديم الدعم النفسي لأطفال الثقافة الثالثة، وذلك عبر إتاحة موارد للتعامل مع التوترات والضغوط النفسية وتعزيز القدرة على التكيف.
بعض حالات أفراد الثقافة الثالثة
لنلق نظرة على حالتين توضيحيتين
سارة
ابنة عائلة سعودية، وُلدت ونشأت في الولايات المتحدة الأمريكية أثناء ابتعاث والديها للدراسة. تجيد اللغتين الإنجليزية والعربية بطلاقة وتفهم ثقافة كلا البلدين.
تعُد نفسها جزءًا من كلا العالمين وتحمل هوية مزدوجة، وتشارك في أنشطة مجتمعية تعكس الثقافة السعودية لتعزز هويتها الثقافية.
محمد
وُلد لأسرة باكستانية في المملكة المتحدة، يواجه توترًا ثقافيًّا مستمرًّا بين ثقافة والديه والثقافة البريطانية التي نشأ فيها.
ولمساعدته في تحقيق توازنه، يعزز والداه الوعي الثقافي ويشجِّعانه على الاحتفاظ بروابط ثقافتهم الأصلية عن طريق الاحتفال بالأعياد والمناسبات على الطريقة التقليدية الباكستانية.
إن أفراد الثقافة الثالثة هم جوهر التنوع الثقافي. إذ تجعلهم تجاربهم المميزة أغنياء بالأفكار والخبرات. ومع توجيه وتمكين الدعم الصحيح لهم، يمكن أن تتحول تحدياتهم إلى فرص لتطوير هويتهم الفريدة والاستفادة من امتزاج عوالمهم. ولا ننسى أن التنوع الثقافي في كافة البلدان هو بمثابة ثروة مجتمعية تستحق الاحترام والتقدير.
سبتمبر 12, 2023, 8:07 ص
جميل ❤️ يا نزيهة او مرة اسمع عن هذا اشكرك 💟..طاب يومك 🌸
سبتمبر 12, 2023, 8:55 ص
سعيدة بأنني أضفت إليك معلومة قيمة 🌷
سبتمبر 12, 2023, 9:26 ص
انا اسعد لانني قراتها💟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.