طفلتي تشعر بالخوف والانزعاج من الغرباء.. ما الحل؟

حالة من القلق والتوتر تنتاب أطفالنا في وجود غرباء، يفتقدون القدرة على التواصل، وأحيانًا الكلام، يشعرون بخجل شديد أمامهم، وأنهم إذا تحدثوا فالأنظار كلها سوف تتجه تجاههم. فكيف يواجه الآباء والأمهات مشاعر الخوف والانزعاج لدى الأبناء تجاه الغرباء؟

ابنتي تشعر بالخوف والانزعاج من الغرباء 

تقول إحدى الأمهات: "عندما وصلت ابنتي شهرها العاشر، بدأت تشعر بالخوف والانزعاج من الغرباء، حتى إننا إذا ذهبنا إلى محل البقالة أو الخضراوات، تشعر بالخوف من الباعة والناس المحيطين. بمرور الوقت أصبحت السيطرة عليها صعبة، بعد أن كانت مطيعة وهادئة، ما أصابني بالإحباط والغضب كذلك، خاصة أنه لا يوجد ما يخيف حقًّا.

طفلة تبكي خوفًا من الناس

امتنعت عن اصطحابها مدة من الزمن وجلسنا بالبيت، حتى جاءت إحدى صديقاتي وطلبت مني اصطحاب طفلتي معنا إلى مركز تسوق، بمجرد أن وصلنا المركز أُصيبت البنت بحالة من الهياج والبكاء، وكدت أن أدير ظهري وأعود من حيث أتيت، قبل أن يحدث أمر مفاجئ! لقد أخذت صديقتي البنت ودفعتها تجاه شلال مياه صغير داخل مركز التسوق، وبدأت تحدثها عن الماء، ووضعت يدها فيه وبدأت تنثره على وجهها، قبل أن تأخذها إلى داخل محل ملابس وتجعلها تلمس القماش، وتحدثها عن الألوان، وهكذا حاولت صديقتي أن تتنقل بين المحلات وتحدث طفلتي عن الأشياء التي تراها وتلمسها، فكانت النتيجة مبهرة، إذ هدأت الطفلة تمامًا، وبدأت تشعر بالسعادة والمرح".

تقول هذه الأم، عندما تحدثت إلى صديقتي حول ما حدث، أدركت حينها أن شعوري بالإحراج الشديد من جرّاءِ نوبات الغضب والبكاء للطفلة، منعني من التفكير في حل لهذه المشكلة على الرغْم من سهولته، إذ كان يكفيها قليل من اللعب والمرح، غير أن خجلي وشعوري بالإحراج حال دون التفكير في هذا الحل.

يقول "باول سي هولينغر": "تجري تربية الطفل عندما تتداخل دائرتا اللعب عند الوالد والطفل". ماذا يعني ذلك؟

هذا يعني أن المرح واللعب يُعدَّان من العوامل المهمة في تنشئة طفل سوي يتمتع بالصحة النفسية والعاطفية، يشعر بالبهجة وهو يواجه العالم من حوله. ففكرة المرح تبدو متناغمة تمامًا مع طبيعة عمل الدماغ الذي يبحث دائمًا عن المثيرات. بالمرح يمكن للآباء التعامل مع إشارات الطفل، مثلما رأينا في المثال السابق، عندما أصيبت الطفلة بالخوف والانزعاج من المحيطين بها.

ليس هذا فحسب، فقد وُجد أن القدرة على الشعور بالمرح تؤثر في كل مجالات الحياة، ومن بينها اختيار المهنة. فالأشخاص الذين يعرفون الأشياء التي تستحوذ على اهتمامهم وتُشعرهم بالمتعة، هم أولئك الذين يمارسون -في نهاية المطاف- المهنة التي يحبون ممارستها حقًّا، والذين يستطيعون بها إضفاء معنى على حياتهم اليومية.

إن الآباء والأمهات القادرين على صنع البهجة لأبنائهم، وإشاعة جو من البهجة لهم، يشعر أبناؤهم بالسعادة، وتكون العلاقة بينهم قوية، حتى أولئك الآباء الذين يتسمون بالحزم والصرامة في التربية، يمكنهم أن يتعلموا كيف يسعدون أطفالهم، ويشيعون جوًّا من البهجة لهم.

لكن ما الشيء الذي يبهج طفلك؟

لكي تجعل طفلك سعيدًا مرحًا، يجب عليك أولًا أن تعرف ما الشيء الذي يُسعده؟ فمعظم الأطفال الصغار يستجيبون لما يثير حواسهم المختلفة، وتحديدًا اللمس والرؤية والسمع.

وهو ما يظهر بوضوح في الألعاب التي تُصدر أصواتًا أو تضيء أنوارًا مختلفة. حتى مجرد تغيير الإيقاع أو نغمة الصوت كفيل بأن يجذب انتباه الطفل، ويجعله سعيدًا. تختلف هذه الأشياء بالتأكيد باختلاف عمر الطفل، فالطفل الأكبر سنًّا قد يضحكه أن تمشي على ركبتيك كفرس وتحمله فوقك.

هل توجد علاقة بين المرح وتخفيف القلق؟

في حقيقة الأمر، توجد علاقة وثيقة بين المرح وتخفيف الشعور بالقلق والتوتر لدى الأبناء. فمن الأوقات التي تُشعر الطفل بالضيق، وقت تغيير الحفاضة، إذ يمكن للأم في هذه الحالة أن تلعب مع طفلها "غمَّض.. فتَّح" في أثناء التغيير؛ ما يضفي جوًّا من المرح ويهدئ الطفل.

اللعب مع الطفل وقت تغيير الحفاضة

وكلما زاد حجم وكمية المثيرات التي تثير انتباه الطفل وحواسه، كان الطفل أكثر مرحًا وسرورًا، وهذه أمور يمكن ملاحظتها من واقع الحياة اليومية والمواقف المتكررة للطفل على مدار اليوم.

في بعض الأحيان، قد يكون الشيء الذي يجعل طفلك مرحًا، يكون مصدر إزعاج لك، كأن يسحب طفلك البالغ من العمر عامًا ونصف العام الأطباق، فهو يكتشف شيئًا مشوقًا، فضلًا عن استمتاعه بصوت تحطمها وهي تتدحرج أمامه على الأرض، فحواسه جميعها منشغلة بهذا الموقف، لذلك وفي أثناء ردة الفعل المعتادة من كثير من الأمهات بالصراخ، فإن الطفل يشعر بالانزعاج، وكثيرًا ما يحاول إعادة الكَرَّة من جديد كونها نوعًا من التحدي والعناد.

كل ما عليكِ حينها أن تتراجعي للخلف قليلًا، وتراقبي طفلك، وهو يحاول التقاط الأشياء من حوله ورميها، بل يحاول دفعك للعب معه ومشاركته نشاطه المبهج.

لذلك ليس مطلوبًا منكِ أن تسألي نفسك: هل يجب على طفلي أن يتوقف فعلًا؟ أم عليَّ أن أجد البديل لكي يواصل هذه الحالة من المرح والسرور؟

وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات شاركونا آراءكم في التعليقات أسفل هذه المقالة حول الأشياء التي تفعلونها لأطفالكم وتجعلهم أكثر سعادة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.