وهناك من يضيع بلبه وعقله، وهناك من يضيع بشعوره وأحاسيسه..
توطدت العلاقات في أسمى معانيها، وتشتت روح الألفة ولم يظهر سر تجافيها، عن أي ضياعٍ تتحدث..
أيطولُ الليل ولا تبحث، لن تنجح لن تنجح، قسما بربي لن أحنث، إلا إذا توالت عليك النفحات، وأحاطت بك العنايات، حينئذ فطوبى لك يا عزيزي - كما قيل دعت لك أمك - نعم إنه الضياع ومن ذا لا يعرف الضياع..
فهو أشبه برقعة في ثوب، حيث لا بد للرقعة من اتساع..
ما أقصده ليس فقدان قرش أو ممتلك فرّ عليك هاربا فأنت منه في ضياع..
لا والله فالضياع كل الضياع حينما ينشغل عقلك بشيء، ولا يترجمه شعورك بنفس ذلك الشيء فذلك كمن يخبر أحدهم أن أباه قد مات ويقول له لا تحزن .
شعور غريب لربما لم يفهمه بعضكم، ولن يفهمه أحد إلا إذا عرف نتائجه..
قد يتبادر إلى ذهن الجميع بأن ذلك شعور الحب والعشق، فاعذرني فهو ليس كذلك فقط، لأن كل شعور تحمله ولا تترجمه وتجعله سجينا حيث لا بد للسجين بأن ينفك..
كل شعور - أعني ما أقول- يدخل في ذلك شعور الحب والعشق والحزن والحاجة والغضب، فذلك لا يعني جفاف المشاعر، فاطمئن المصدر ملآن ولكن أنى له من يترجمه، فإن صح تعبيري أطلق عليه جمود المشاعر لا جفافها .
فمثلاً الكوب مليء بالسكر ولكن لن تجد طعم السكر حتى تحركه..
فإنك إذا حركت عم ذلك الشعور أرجاء الكوب، وإن لم تحرك فأنت في ضياع من طعم السكر .
قد يسأل البعض ما هي العوائق التي تقف حاجزا بين ترجمة المشاعر والأحاسيس؟
عوائقٌ نفسية، وأفكارٌ انتهازية، في داخله هموم يضيق بها مضجعه، وفي أحشائه آهاتٌ بلا أدمعِ..
وخواطرٌ قد بدأتْ تنتشي، ما أصعبها من لحظاتٍ حين يبكي وهم لا يشعرون ببكائه، ويئنُ لذكرهم وهم لا يحسون بأنّاته، ويهتفُ باسمهم فيجيبُ الصدى بأنهم لا يسمعون ندائه .
تمهل ما هذا الندم ! إلى متى؟
الذي يمنعكَ من البوحِ بمشاعرك، وترجمةِ الحب الذي بداخلك، فاستمرارك هذا كأنك تبذرُ حُباً فيكبر وينمو بداخلك ولكنه شبحا لم يره غيرك..
ولم يحس به أحدٌ سواك -فاعذرني- أي شي لا يرى ولا يحس بوجوده، ولا تدل عليه آثار، لا يؤمن به أصلاً ولا قيمة له..
فعليك أن تعذرَ من لم يهتم بك، ولم يواسيك، ولم يضعك في حساباته، فالدنيا متقلبة تارةً يعتري محبيك الحزن وتارة في فرح، فما أهميتك في قلوبهم إذا لم تصادقهم بهذه المشاعر.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.