صور التعصب ومدى تأثيره في المجتمع

التعصب آفة البشرية القديمة التي صاحبت الإنسان منذ ولادته، وتبرز عند الاختلاف مع الآخرين، كلنا نصبح متعصبين أحيانًا لرأينا أو لعقيدتنا أو حتى لعائلتنا وأبناء جلدتنا.

مصطلح التعصب في الأساس يأتي من العصبة، وهي الجماعة التي ينتمي إليها الفرد ويكون مدافعًا عنها ومناصرًا لها في مواجهة الآخرين، وهو -كما يبدو في صورته الطبيعية المحمودة- انتماء الفرد لأصوله ومجتمعه، والعمل على رفعته ونصرته والدفاع عنه.

فجميعنا نشجع ونؤيد عائلاتنا، آباءنا، أبناءنا، وأقاربنا، ونريد لهم النجاح والرفعة والتميز، ونكره أن يفشلوا أو يُهزموا، وندافع عنهم ضد أي اعتداء أو انتقاص من شأنهم.

كيف يتحول الانتماء إلى تعصب؟

لكن أحيانًا هذا الانتماء الطبيعي، عندما يتضخم بصورة كبيرة، يصبح تعصبًا أعمى، إذ يكون الشخص المتعصب لديه قوالب فكرية ثابتة ومعتقد لا يقبل مناقشته أو الطعن فيه، حتى إن كان هو نفسه لا يفهم المعتقد على نحو صحيح، ولهذا يظهر التعصب بدرجة كبيرة للمذاهب الدينية والمعتقدات والأفكار الموروثة.

هذا كان سببًا في ظهور كثير من النزاعات والخلافات بين المجتمعات المختلفة، فكل فرد أو جماعة تريد أن تفرض رأيها أو معتقدها أو حتى أسلوب حياتها على الجماعات الأخرى، ولا تقبل التنازل أو النزول على رأي آخر.

أشكال وصور التعصب

والتعصب قد يأخذ صورًا متعددة وأنواعًا مختلفة غير التعصب للمذهب والدين، مثل تعصب القومية والعرقية والأصول الذي نتجت عنه كثير من الصراعات بين الشعوب، وكذلك تعصب للفرق الرياضية المتنافسة، خصوصًا في لعبة كرة القدم، الذي يصل إلى حد المشاجرات والتخريب بين مشجعي الفرق المختلفة.

التعصب في كرة القدم

أذكر في مرة من المرات أن الإعلام المصري والإعلام الجزائري أشعلا فتيل أزمة كبيرة بين جماهير المنتخبين المصري والجزائري لكرة القدم، بسبب مباراة كرة قدم بينهما، كادت تؤدي إلى توتر العلاقات بين الدولتين.

والتعصب مرض يصيب الفرد والمجتمع، ويؤدي إلى التطرف والعنصرية والاضطهاد والكراهية، كأن التعصب شجرة خبيثة تنبت أخلاقًا سيئة كثيرة تصاحب بعضها البعض، وهو يصيب النفس البشرية غالبًا من الحديث السلبي والأفكار التي تُزرع في نفس الإنسان منذ النشأة في الأسرة الواحدة، في المدرسة، في المجتمع، في الإعلام، وحديثًا في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو حديث عاطفي يستثير العواطف والنعرات الطائفية والعصبية ضد الآخرين دون تعقل، ودون تحليل منطقي وفهم جيد للأمور.

في علم المنطق، توجد نظرية تقول إن القرار السليم من شروطه أن يخلو من العاطفة، فلا يجب أن نجعل عاطفة الانتماء تتحول إلى تعصب مذموم. فإلى جانب الانتماء، يجب أن نتعلم العدالة والمنطق والتفكير السليم تجاه الآخرين.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

مقال رائع ... وبداية موفقة
بانتظار الجديد
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

شكرا جزيلا لك على كلامك الرائع واسلوبك الراقي خالص تحياتي
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.