وتم نقل الجثمان إلى المشرحة من أجل حفظه لحين تشريحه في اليوم التالي. وفي صباح اليوم التالي أثناء مباشرة فريق التشريح بتشريح الجثة، حيث باشروا بشق ساقه اليمنى، فما كان من الشاب الميت إلا أن يصرخ مستفيقاً من شدة الألم جراء شق ساقه، مما دعى العمال والفريق الطبي للفرار من المشرحة خوفاً من عودة الميت للحياة، حتى تبين لفريق التشريح الطبي العدلي أن كيغن لم يك ميتاً فعلاً، فتم نقله إلى قسم العناية اَلْمُرَكَّزَة من أجل إسعافه.
والتساؤل هنا هل يعود الميت للحياة؟؟ وعندما كنت طالباً في كلية الشرطة العراقية (1964-1967) وكان وقتها الدكتور وصفي محمد علي (رحمه الله) مديراً لمعهد الطب العدلي في بغداد وأستاذا لمادة الطب العلي في كلية الشرطة العراقية، سألته عن بعض الحالات التي نقراها عن عودة بعض الموتى للحياة، بعد وضعهم داخل النعش التابوت أو الصندوق الذي ينقلون به الميت إلى المقبرة، فأجاب بأن ذلك يعود لأن الشخص الذي اعتبر ميتاً لم يمت فعلاً ولا زال على قيد الحياة، لكنه ربما يكون في حالة غيبوبة وإن نشاط أجهزته التنفسية أو جهاز الدوران أصبح ضعيفاً جداً بحيث لا يشخصه بعض الأطباء قليلو الممارسة والخبرة.
أما أسباب تشريح جثث المتوفين، فهو يقع بسبب حالات الموت المشتبه به وهي حالات الموت غير المتوقع الذي يقع لإنسان في صحة ظاهرية جيدة ويشتبه بوقوع جريمة من أجل حفظ حقوقه والتأكد من عدم تعرضه لجريمة، لهذا لا تشرّح جثث كبار السن ما لم يطلب ذوي الميت ذلك للاشتباه بوقوع جريمة.
وفي هذا الموضوع هنالك ما يتداوله الناس من حكايات هي أقرب ما تكون للخيال، حول عودة بعض المتوفين للحياة: منها أن شخصاً مات، ولما كان الأهل منشغلين بإجراءات الدفن والتكفين، عاد للحياة وأخبر أهله أن ملك الموت تحقق من اسمه، فتبين أنه ليس الشخص المقصود، وإنما المقصود شخصًا آخر يحمل نفس الاسم، يسكن في الفرع الثاني القريب من دارهم، وأنه أرشدهم إلى مكان سكنه. وبعد لحظات من ذلك سمع صوت الصراخ في دار ذلك الشخص، حيث توفي، وأثناء ذهاب العائد إلى الحياة لقراءة الفاتحة أخبر ذوي الميت بقصته، فما كان من أهل الميت إلا مطالبته بالفصل العشائري بسبب دلالته على سكن رب أسرتهم المتوفي الذي يحمل نفس الاسم.
وفي واقعة أخرى حقيقية، كانت إحدى السيارات تحمل نعشاً لمتوفي على سقفها، وكانوا متوجهين به إلى المقبرة لغرض الدفن. إلا أن المتوفي لم يكن متوفي فعلاً، وقام برفع غطاء النعش التابوت وجلس فوق السيارة مرتدياً الكفن. فكان الناس يسيرون بسياراتهم وقد ذهلوا لهول المنظر، ويؤشرون لركاب وسائق السيارة التي تحمله حتى أوقفوها.
ونشرت جريدة البيان على موقعها على الإنترنت تحت عنوان حكايات يرويها عائدون من الموت منها: إن الشاب ح الذي يعمل خراطاً في ورشة، نام بعد عودته من عمله وتناول عشاءه، ليذهب في نوم عميق أفاق منه بعد خمسة أيام. وإن الشاب المذكور أصيب بغيبوبة، ونقل إلى الطبيب، الذي أكد موته مسموماً وتم استخراج شهادة الوفاة وتصريح الدفن. وأسرع أهله بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه، ومدد جسده جوار جثمان والده في المدفنة وتقبل ذووه العزاء لشاب خطفه الموت بعد شهرين من زواجه. ويروي ح أنه بعد ثلاثة أيام من دفنه، استيقظ من غيبوبته موته فوجد نفسه في ظلام دامس، مرتدياً قطعة مملوءة بالقطن، بين جثث مرصوصة حوله، فوقف شعر رأسه من هول الموقف. واستمر يومين داخل القبر المغلق من الخارج، جالساً على سلم المدفن يصرخ ويطلب النجدة. وفي اليوم الخامس، فإن التربي القائم بالدفن، جاء بتصريح لفتح المدفن – يبدو أنه سمع صوت الصراخ – وعندما فتح باب المقبرة وشاهد ح بكفنه وحالته، جاءته نوبة قلبية فمات. وتم نقل ح إلى المستشفى، وجاءت والدته لزيارته، وعندما شاهدته ابتسمت وسقطت ميتة. وإنه قضى 3 أشهر في المستشفى فاقداً القدرة على الكلام، ولدى عودته لحجرته المتواضعة، وبعدما شاهدته زوجته طلبت الطلاق متعللة بأن هذا الشخص هو عفريت ح وليس زوجها ح ولا زال يعاني من الوساوس.
ومن اللطائف، كنت أشرح لمجموعة من الضباط في المعهد العالي للشرطة، إجراءات الكشف على مسرح جريمة قتل، وتم تمثيل جثة المقتول من قبل أحد أفراد الشرطة، بعد أن ارتدى دشداشة وتمدد مستلقياً على ظهره وتم وضع مادة المركيروكروم ذات اللون الأحمر على صدره على أساس أنها نزف دموي مع وجود ظروف فارغة لإطلاقات بندقية. وتم تحديد مسرح الجريمة بشريط أصفر والذي اختير له أحد حدائق المعهد. وصادف في ذلك اليوم زيارة وفد عالي المستوى من الشرطة السودانية، وتمت زيارة الوفد لمسرح الجريمة أثناء المحاضرة، وعندما كنت أشرح إجراءات الكشف للضباط، يبدو أن رئيس الوفد السوداني كان يراقب الجثة، فلاحظ أن الجثة تتنفس، فقاطعني قائلاً سيادة اللواء الميت بتوعك صحي! .
إن إهمال الأطباء وقلة خبرة البعض منهم وخاصة اختصاص الطب العدلي، يؤدي فعلاً إلى دفن البعض من الأحياء في القبور ممن هم في حالة غيبوبة أو ضعف علامات الحياة، وهم لا زالوا على قيد الحياة، ولهذا كانت بعض المجتمعات في السابق، يضعون ورقة مكتوب عليها عبارة أنى مت يكتبونها بمادة غير مرئية، وعند تفسخ الجثة تخرج منها غازات تتفاعل مع هذه المادة فتظهر للعلن معلنة حصول الوفاة. ونرجو أن تكون هذه المقالة دعوة لأطباء الطب العدلي بالتحقق من الوفاة الفعلية لمن يمنحونهم شهادات الوفاة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
تسجيل دخول إنشاء حساب جديد
اليوم يتأكدون من الحالة ب صعقة كهربائية. دمتم ودامت خبرتكم الكبيرة لخدمة المجتمع!!
الاستاذ الفاضل محمد الشامخ شكرا لمتابعاتكم وملاحظاتكم الجيدة وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والصلاح