وتدور الأيام، وتتوقف الساعات، ويُصاب الزمن بخلل وتشتت، وتتجمد الأشياء من حولنا، وتبهت الألوان، وتتغير، وتتبدل فصول السنة لتصبح في توهان، تخرج من أعماقنا صراخات ليست معروفة، تشبه الاستغاثة والمناجاة. أرواحنا تعبت، وقلوبنا أُصيبت بندوب لا يمحوها الزمن، وما نزال في صراع وبحث مستمر، تارة نجري ونهرول وراء المجهول، وتارة نفتش عن الماضي، وتارة نسأل عن الحاضر، وتارة نفكر في المستقبل الغامض.
أمواج الخذلان لا تريد تركنا، الغدر يحوم فوق رؤوسنا، وما زلنا في حرب مستمرة وصراع طويل. نحارب لننجو، نُصارع لنفوز، تُرغمنا الظروف على التمسك بالأوهام، ونعيش على أمل في نجاة، لا نقبل الاستسلام، على الرغم من الألم، على الرغم من المعاناة، على الرغم من الظلم، على الرغم من الانتهاكات، على الرغم من الصعوبات، على الرغم من الصفعات، ما زلنا نقف في وسط المعركة بصمود وقوة وحزم وإصرار على كسب المعركة. لا هروب ولا استسلام.
وهكذا نَظَلُّ نبحث ونحارب، ويمضي عمرنا رويدًا رويدًا، نقابل أرواحًا، وأشخاصًا، وأشباحًا، تتساقط الأقنعة واحدًا تلو الآخر، كتساقط الأشجار في فصل الخريف. نُزيح عن طريقنا الأشواك والأحجار، ننظف أرواحنا من الانجراف وراء السراب والخيال، ونمر باختبارات صعبة ونجتازها، ونستقبل فصولًا من الخذلان، ولكن نتجاوزها ونمضي قُدمًا.
نعيش بالألم، ويُولد من هناك الأمل. نتنفس الحرية بعد صِعاب، وننال التحرر بعد حروب، وننسى الماضي بعد جروح وندوب، ونستقبل الحاضر والمستقبل ونحتضنه بذراع مفتوحة، ويقين صادق، وإصرار إلى الوصول إلى حلم كان بالأمس مستحيلًا وغير موجود، لنُثبت للعالم أنه لا وجود للمستحيل أمام الأبطال.
أيها التاريخ، دَوِّن ومجِّد أبطالك، وكُن شاهدًا، ودماء شهدائك يفوح منها ريحان ومِسك. ومن هنا، وأمام راية السلام، نُمجِّد الأحرار، ونهتف بشعار يُسمى: «انتصار الأسود».
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.