إن تنفس الهواء هو أساس بقاء الإنسان على قيد الحياة، ولكن لم تتنفس البشرية يوماً منذ القرن الخامس عشر حتى يومنا هذا، فخلال هذه الفترة، شهد العالم الكثير من الأوبئة والفيروسات الخطيرة والمميتة والتي تودي بحياة الملايين من الناس حول العالم، منها ما هو مصنّع، ومنها ما هو حيواني المنشأ، أي أنه متنقّل إلى البشر عبر الحيوانات.
في البداية، نشأ مرض تلوثي يدعى الجدري عام 1492م، في أوروبا، ثم انتقل إلى قارة أميركا، مع إنتقال الأوروبيين للمرة الأولى إلى أميركا الشمالية، مما أصاب حوالي 30% من سكانها وقتل معظم المصابين بهذا المرض.
ثم جاء وباء الكوليرا عام 1817م، وهو مرض بكتيري نشأ في الهند وانتشر في دول شرق آسيا أي الدول المجاورة لها كالصين واليابان. وأودى هذا المرض بحياة آلاف المصابين من مختلف الدول التي وصل إليها الوباء.
ومن ثم أتت الإنفلونزا الإسبانية عام 1918م عقب الحرب العالمية الأولى، وهي تعتبر وباءً تنفسياً حاداً، ويقال أنها نشأت في النمسا ثم انتشرت في جميع أنحاء العالم. وأدت الإنفلونزا الإسبانية إلى وفاة ملايين المصابين بهذا الوباء.
وبعد ذلك، وُلدت المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة أي السارس عام 2002م في الصين. والسارس هو فيروس حيواني المنشأ، ويقال أنه يقفز من الخفافيش إلى البشر. انتشر هذا الوباء أولا في دول جنوب شرق آسيا ثم واصل انتشاره في جميع أنحاء العالم مما أدى إلى إصابة آلاف الأشخاص.
وفي عام 2009م، كان حضور بارز لإنفلونزا الخنازير، التي وُجدت في المكسيك وثم انتقلت إلى معظم دول العالم. وتعتبر انفلونزا الخنازير H1N1 سليلا للانفلونزا الإسبانية التي انتشرت عام 1918م. وأصاب هذا الوباء حوالي 500 ألفاً من الأشخاص حول العالم وأدى إلى وفاة ما يقارب ال20 ألفاً منهم.
أما فيروس إيبولا، فقد حضر إلى عالمنا عام 2014م، ونشأ في زائير-الكونغو ثم انتشر في معظم الدول الأفريقية. وهذا الفيروس هو عبارة عن حمى نزفية تصيب القردة والغوريلا، مما يعني أنه ينتقل إلى البشر عبر الحيوانات. وأدى هذا الوباء إلى مقتل آلاف المصابين به في الدول المنتشر فيها.
أخيرا وليس آخرا، ظهر فيروس كورونا المستجد عام 2019م في الصين. اختلفت الآراء والنظريات حول مصدر هذا الفيروس، فالبعض قال أنّ مصدر هذا الوباء هو الخفاش، والبعض الآخر قال أنه مصنّع في المختبرات الصينية ثم تم نشره في جميع دول العالم. أصاب هذا الفيروس، حتى الآن، حوالي 250 مليون شخصاً حول العالم، وأودى بحياة ما يقارب ال 5 ملايين منهم.
ولكن للأسف، بدأ فيروس كورونا المستجد بالتحور، فقد شهدنا في الآونة الأخيرة تحوراته الجديدة، ومنها: المتحوّر الهندي دلتا، وأوميكرون، وهيهي. فإذن يمكننا القول أن العالم لن يستريح ولو قليلاً، ولن يتنفس هواءً نقيا ولو للحظة، وسيبقى أسيراً للأوبئة التنفسية الحادة القاتلة، فليس هناك مانع من وجود متحورات أخرى لكورونا وفيروسات أخرى جديدة في السنوات القادمة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.