وقفَ حمارٌ بجانبِ المحكمةِ، ولمَّا تعالتِ الأصواتُ وطرقاتُ مطرقةِ القاضِي، اقتحمَ المحكمةَ دونَ استِئذانٍ، فتوقَّفَ القاضِي عن إصدارِ الحُكمِ وصاحَ بالحمارِ:
- أتظنُّ نفسَكَ داخلًا حظيرتَك؟
- الحمارُ: حينَما سمعتُ صراخَكم وضرباتِ مطرقتِك ظنَنْتُ أنَّها كذلكَ.
- القاضي: خذوهُ إلى المقصَبِ البلديِّ حالًا.
- الحمارُ: أتدري لماذا ماتَ صاحبِي مُتسمِّمًا؟
- القاضي: لا واللهِ! تفضَّلْ وأتحِفْنا بحكمتِك!
- الحمارُ: معظمُ القصَّابين الذينَ يبيعُون لحومَ البقرِ ممزوجةً بلحومِنا لم تنَلْهم عدالتُكَ بتهمةِ الجريمةِ!
ووقفَتْ بقرةٌ هولنديّةٌ حلوبٌ أمامَ بابِ المحكمةِ، ولمَّا سمِعَت التُّهمَ الموجَّهةَ إلى صاحبِها المسكينِ دونَ أدلَّةٍ مقنِعةٍ اقتحمَتِ المحكمةَ ووقفَتْ أمامَ القاضي، فخاطبَتْه: لقد نفدَ البيضُ في مزرعةِ هذا المتَّهمِ الفقيرِ، ولم يبقَ فيها إلَّا الدِّيكةُ، فقرَّرتُ أن آتيكَ شاهدةً بحلِيبي الذي خزَّنتُه في أثدائِي لتراهُ بعينيكَ؛ لعلَّكَ تخجلُ وتُصدرُ حكمَ البراءةِ على هذا الفقيرِ المسكينِ.
فامتعضَ القاضِي وثارَت ثائرتُه، فقالَ بعدَ ضرباتِ المطرقةِ: حكمْتُ عليكِ بالسَّجنِ المؤبَّدِ في مزرعَتي الخاصَّةِ لا في السِّجنِ المركزيِّ احترامًا لأنوثتِكِ، ونادَى المناديَ: خُذْ هذهِ البقرةَ الحمقاءَ إلى مزرعَتي حالًا، وأفرِجْ عن المتَّهمِ فورًا تنفيذًا لأمرِ المحكمةِ.
فصاحَ الفلَّاحُ المتَّهمُ: تَحْيا العدالةُ.. تَحْيا البقرةُ الهولنديَّةُ.. واللهِ إنَّكِ أصيلةٌ، وأفضلُ من ألفِ بقرةٍ وطنيَّةٍ محلِّيَّةٍ، وأعدلُ من ألفِ حمارٍ اشتراكيٍّ يحملُ شهادةَ العدالة، وأَخلصُ وأنْقَى من ألفِ ذئبٍ رأسماليٍّ يُنادي بالحرِّيَّةِ والمساواةِ وحقوقِ الحيوانِ!
أحسنت النشر.. بالتوفيق
شكرا لك على إطرائك الطيب
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.