قد تعرف أن أحمد شوقي هو أحد أهم الشعراء العرب في التاريخ الحديث، وقد تعرف أيضًا أنه أحد مؤسسي مدرسة النهضة العربية، وأحد الأدباء الذين طوروا القصيدة العربية وأعادوها إلى مكانتها بعد مدة طويلة من الضعف، لكن يوجد أحمد شوقي أمير الشعراء ما لا يعرفه كثير من الناس منذ ولادته، وتربيته في القصر الملكي، حتى نفيه إلى إسبانيا ومعاركه الأدبية، ومبايعة الشعراء له أميرًا للشعر العربي واللغات التي يتحدَّثها ذلك الشاعر المثقف والاستثنائي الذي يستحق دراسة تجربته الأدبية؛ لتتعلم منها الأجيال القادمة.
في ذكرى رحيل أحمد شوقي نصحبك في جولة سريعة في عالم أمير الشعراء بين أهم محطات حياته، وأحداثها الساخنة، وأشعاره المدهشة، ومسرحياته التي فتحت طريقًا جديدًا في الشعرية العربية.. جولة لن تخلو أبدًا من المعرفة والمتعة والجمال.
اقرأ أيضًا: الأديب العالمي "نجيب محفوظ" وأهم أعماله
نشأة أحمد شوقي والدراسة
تُعدُّ نشأة أحمد شوقي أشبه بإحدى الروايات الخيالية التي تجتمع فيها المصادفات الغريبة والأحداث الاستثنائية لتصنع مصير البطل، حيث وُلِد أحمد علي أحمد شوقي يوم 16 أكتوبر عام 1868 في حي الحنفي، وهو أحد أحياء القاهرة القديمة لوالد (كردي) وأم ذات أصول (شركسية) لم تستطع تربية ابنها، لأنها ماتت سريعًا؛ وهو ما جعل جدته لأمه تتولَّى رعايته كاملة، فكانت تعمل وصيفة في القصر الملكي في أثناء حكم الخديوي إسماعيل، وهو ما جعلها تتمتَّع ببعض الثراء الذي سمح لها بتربية الطفل أحمد شوقي تربية جيدة، واستطاعت أن تضم الطفل إليها ليتربى في قصر الحكم.
ومع الوقت، بدأ الطفل الصغير أحمد شوقي في تعلم القرآن والقراءة والكتابة حتى دخل إلى مدرسة المبتديان الابتدائية، وظهر على الولد الصغير ملامح النبوغ والتفوق في سن صغيرة، إذ كان كثير الحفظ والتذكر، إضافة إلى طلاقته في القراءة والتعبير، وهو ما ظهر أكثر عند التحاقه بالمدرسة الثانوية، إذ استطاع بتفوقه ونبوغه الحصول على إعفاء من دفع المصروفات الدراسية، وهو استثناء كان يُقدَّم للمتفوقين فقط.
مع صغر سنه وذكائه وقدرته الكبيرة على الحفظ والتعلم، بدأ أحمد شوقي يتَّجه إلى الدواوين الشعرية العربية للشعراء المشاهير في العصور المختلفة من الجاهلي والأموي والعباسي والأندلسي، حتى التحق بمدرسة الحقوق وهو في سن 15، وصادف افتتاح قسم جديد في العام نفسه وهو قسم الترجمة، فالتحق به أحمد شوقي لتكتمل العبقرية والثقافة بدراسة اللغات.
وبعد التخرج أرسله الخديوي توفيق في بعثة إلى فرنسا؛ ليكمل دراسة الحقوق والترجمة في مدينة مونبلييه، وهو ما منحه فرصة أكبر وأكبر للاطلاع على الآداب العالمية عمومًا والأدب الفرنسي خصوصًا، إذ مكث هناك 4 سنوات أتقن فيها اللغة الفرنسية، وتعرَّف على ملامح النهضة الأدبية في أوروبا، فقد كانت المدرسة الكلاسيكية تمثل الجانب الأدبي السائد في ذلك الوقت، لإضافة إلى مدارس أخرى قد بدأت في الظهور.
اقرأ أيضًا: في ذكرى رحيله.. الشاعر خالد نصرة صوت فلسطين ووجع الأمة العربية
حياة أحمد شوقي
تربى أحمد شوقي في القصر الملكي، وهو ما جعله جزءًا من حياة طبقة الأثرياء والنبلاء، فلم يجد أي مشقة في العيش، ولم يضطر إلى الكفاح من أجل الوصول إلى أي شيء، إذ كان مقربًا من القصر الملكي، فكما أرسله الخديوي توفيق للتعلم على حساب القصر عُيِّن رئيسًا للقلم الإفرنجي في الديوان الملكي في عهد الخديوي عباس حلمي الذي كان يحبه كثيرًا، وكان أحمد شوقي في نظر كثير من الأدباء والمثقفين في ذلك الوقت هو (شاعر القصر) أو (أديب الخديوية)، وهو أمر لم ينكره أحمد شوقي أو يعترض عليه.
استطاع أحمد شوقي أن يسافر عام 1896 مُمثلًا للحكومة المصرية في مؤتمر كبير في سويسرا، وهو (مؤتمر المستشرقين) الذي جمع عددًا من رجالات الفكر والثقافة والمهتمين بقضية الاستشراق من كل بلاد العالم، وهو ما يدل أيضًا على أهمية أحمد شوقي لدى القصر الملكي في مصر، فقد كان دائم المديح الخديوي توفيق في أثناء وجوده في فرنسا، ثم أصبح يكتب القصائد في مدح الخديوي عباس حلمي الذي جاء بعد أبيه توفيق، وهو ما كان يعجب الخديوي عباس حلمي كثيرًا، لكن أحمد شوقي دفع ثمن ذلك الحب.
في أواخر عام 1914 صدر قرار بنفي الشاعر أحمد شوقي إلى إسبانيا؛ إذ رأت القوات الإنجليزية أنه يساند الخديوي عباس حلمي في قصائده ويهاجم الإنجليز، وبذلك سافر أحمد شوقي ليدفع ثمن انحيازه للخديوي عباس حلمي، وفي الحقيقة فقد كان انحياز أحمد شوقي طبيعيًّا في ذلك الوقت، فقد تربى الرجل في القصر الملكي منذ أن كان طفلًا، إضافة إلى ثقافته التي ترى أن الحاكم هو ولي الأمر، أضف على ذلك العلاقة القوية التي كانت بين أحمد شوقي والخديوي توفيق ثم الخديوي عباس حلمي.
لم يكن نفي أحمد شوقي إلى إسبانيا بهذا السوء، إذ استطاع أن يستغل هذه المدة في الاطلاع على الحضارة العربية في الأندلس، إضافة إلى إتقانه لغات جديدة عدة، وكذلك رؤية جانب من الأدب الأوروبي لم يكن قد رآه في فرنسا.
وعلى الرغم من ابتعاده عن البلاد، لكنه كان يتابع أخبار مصر، ويكتب أشعاره ليتفاعل مع الأحداث الساخنة التي تجري في البلاد، كما كانت هذه المدة فرصة كبيرة لأن يتخلص من أشعار المدح التي جعلت كثيرًا من الأدباء والنُقاد يغضبون ويتخذون موقفًا من كتابات أحمد شوقي.
أما على مستوى شخصية أحمد شوقي، فقد كان شخصًا رقيقًا مهذبًا ومثقفًا ومحبًّا للغة العربية ومنحازًا إليها كثيرًا، لكنه كان يحمل كثيرًا من الحساسية التي يجب أن يراعيها الأشخاص الذين يتعاملون معه، لا سيما حساسيته من النقد وإظهار العيوب؛ فقد كان أحمد شوقي معتادًا على التكريم والثناء والتصفيق والإطراء، وكان لا يحب النقد وإظهار المثالب لا سيما في شعره.
ويقول عنه الكاتب مصطفى صادق الرافعي في كتابه (صون القريض): «لقد كان شوقي مبتلى بحب نفسه وحب الثناء عليها، وتسخير الناس في ذلك بما وسعته قوته، حيث كان يغار بطريقة أشد من غيرة الحسناء التي تقشعر كل شعرة منها إذا فاجأها الحسن بثانية».
ومع ذلك فقد كان أحمد شوقي أحد أعلام مصر الكبار ليس فقط لكونه كاتبًا أو شاعرًا كبيرًا، ولكنه كان سفيرًا للثقافة المصرية بعلاقاته وسلوكياته ومشاركاته، إضافة إلى شعره ومسرحياته، وهو ما يمكن أن يؤكده مصطفى صادق الرافعي في نفس الكتاب حين يقول عنه: «هذا هو الرجل الذي أتخيل من وجهة نظري أن مصر قد اختارته لتضع فيه روحها المتكلمة ومتى ذكر اسم شوقي في بلد من بلاد العالم العربي يتسع معنى اسمه، فلا يدل عليه فقط، وإنما يدل على مصر كلها، وكأنك قد ذكرت النيل أو القاهرة أو الهرم، وليس فقط مترادفات في وضع اللغة، ولكن في جلال اللغة».
والغريب أن أحمد شوقي كان يجمع بعض المتناقضات؛ فمع أنه كان يمدح الخديوي ويكتب القصائد في السلطان العثماني، لكنه أيضًا كان مساندًا للحركة الوطنية، وصاحب هوى مصري ضد سلبيات الحكم العثماني، وكتب أحمد شوقي قصائد يمدح فيها السلطان عبد الحميد، وهو ما منحه رتبة البكوية، لكن أحمد شوقي أيضًا قد انقلب على السلطان عبد الحميد بعد ذلك، وكتب قصائد في مدح مصطفى كمال أتاتورك الذي أنهى خلافة السلطان عبد الحميد، وهو ما يجعلنا نتحقق أننا في حضرة إنسان يحمل روح الفنان المتقلبة التي تُعبِّر عما يجول بها في لحظتها دون النظر إلى الحسابات والأبعاد.
اقرأ أيضًا: في ذكرى رحيله.. عمر أبو ريشة شاعر حلق بالشعر فوق صخور الأيدولوجيا
أدب أحمد شوقي
يُعدُّ أحمد شوقي من رواد المدرسة الكلاسيكية العربية، ومن أوائل المثقفين العرب الذين اطلعوا على الثقافات الأوروبية؛ لذا فإن أدب أحمد شوقي يحمل كثيرًا من سمات المدرسة الكلاسيكية الأوروبية، حيث تقليد القدماء ووحدة النص والاتجاه الوجداني في الكتابة والاهتمام بالقضايا السياسية والاجتماعية، وتظهر في أشعاره ملامح النهضة العربية التي كانت نتيجة لمشروع النهضة الأوروبية مع إطلاع الأدباء والمثقفين على ملامحها، وهي النتيجة الطبيعية لسفر أحمد شوقي إلى البلاد الأوروبية، حيث تعلم في فرنسا ونُفي إلى أسبانيا، أضف على ذلك الموهبة الكبيرة التي تمتَّع بها الشاعر الاستثنائي.
كان الجميع يتحدثون عن موهبة أحمد شوقي الفذة وحصيلته اللغوية الكبيرة، إضافة إلى قدرته على الكتابة في كل الأحوال وكل الأوضاع وكل الأوقات، فكان أحمد شوقي شاعرًا بجدارة طوال الوقت؛ يكتب كل شاردة وواردة وكأن الشعر هو الحياة ذاتها، إضافة إلى عنايته الكبيرة بالمفردة داخل نصه الشعري، إضافة إلى الخيال الكبير والقدرة على الابتكار والإحساس والعاطفة الجياشة، وهو ما كان يُميِّز أشعار أحمد شوقي، إذ يمكنه كتابة القصيدة بعد معايشته لموقف صغير، وكأنه عاش هذا الموقف سنوات طويلة.
يمكنك أيضًا أن تلاحظ في أشعار أحمد شوقي الأساليب الشعرية القديمة التي كان يُقلدها محبة وقناعة بالشعراء العرب الكبار من مختلف العصور؛ فكان يكتب المدح والغزل والفخر والوصف والرثاء، إضافة إلى العناية الشديدة بإطار النص الشعري، كما لا يخلو الأمر عند أحمد شوقي من بعض الصور والأفكار الجديدة، وهو ما صنع له خصوصية كبيرة بين كتاب المدرسة الكلاسيكية، أو كما أطلق عليها في ذلك الوقت "مدرسة البعث والإحياء"، على الرغم من مجاورته لعدد من الشعراء الكبار أمثال محمود سامي البارودي ومطران خليل مطران.
من سمات أحمد شوقي الكبيرة التي تجلت في كتاباته أنه كان واسع الحفظ، حتى قيل إنه كان قادرًا على حفظ باب كامل من المعجم في مدة قصيرة، إضافة إلى تذكره للتفاصيل الصغيرة فيما يقرأ وفيما يرى، وهو ما ظهر بعد ذلك في كتاباته التاريخية ومسرحياته الشعرية، كما كان دائم التسجيل للأفكار حتى وإن كان بين الناس، أو في أثناء السفر، وهي عادة تعلمها منه كثير من مثقفي وكُتاب عصره، إذ كان يأتيه وحي الشعر، فيستجيب في اللحظة نفسها دون اعتبار لأي شيء، فكان مخلصًا للشعر والكتابة بطريقة خاصة.
كان أحمد شوقي أيضًا غزير الكتابة والإنتاج، ولو كان الرجل في عصرنا الحالي بهذه التقنيات الحديث لكان نشر العشرات من الدواوين، لكنه قد كتب نحو 23 ألف بيت أو أكثر من الشعر، وهو رقم ضخم إذا قُورِن بأي شاعر في العصور القديمة أو الحديثة، كما كان أول من يكتب المسرحية الشعرية في العالم العربي؛
وهو ما كان نتيجة اختلاطه بالثقافة الأوروبية، وبالتحديد في أثناء وجوده في فرنسا، في حين لم يعرف العرب هذا الشكل الأدبي من قبل؛ لذا أحدثت مسرحياته ضجة كبيرة ودفعت عددًا من الكتاب والمبدعين إلى اقتفاء أثر أحمد شوقي في كتابة المسرحيات الشعرية.
أما لقب أمير الشعراء، فإن الأمر لم يكن نتيجة مسابقة أو منافسة بينه وبين الشعراء العرب في ذلك الوقت، وإنما أقيم مهرجان لتكريم الشاعر الكبير أحمد شوقي في 29 إبريل عام 1927، فحضر مشاهير الشعراء العرب من كل البلدان إلى دار الأوبرا المصرية في القاهرة؛ لتكريم الشاعر الكبير، وما كان منهم إلا أن بايعوا بإمارة الشعر العربي، حتى إن الشاعر الكبير حافظ إبراهيم قد ألقى قصيدة كتبها خصيصًا لهذه المناسبة وقال فيها مُبايعًا أحمد شوقي:
أمير القوافي قد أتيت مُبايعًا وهذه وفود الشرق قد بايعت معي
وبذلك لم يكن لأحمد شوقي دور في هذا اللقب الذي لاقى قبولًا كبيرًا بين معظم الشعراء والكُتاب في ذلك العصر.
أعمال أحمد شوقي
جُمِعَت الأعمال الشعرية لأمير الشعراء أحمد شوقي في ديوان كبير من أربعة أجزاء يسمى "الشوقيات" التي لم تُجمَع بالكامل في أثناء حياته.
الجزء الأول من الشوقيات طُبِع في نهاية القرن التاسع عشر، وضمَّ كل قصائد أحمد شوقي التي كتبها قبل بداية الألفية الجديدة، وأعيد طبع الديوان مرة أخرى عام 1925، وشمل القصائد التاريخية والاجتماعية والسياسية لأمير الشعراء أحمد شوقي.
الجزء الثاني من الشوقيات طُبِع عام 1930، وضمَّ الكتاب القصائد السياسية والاجتماعية التي تُعنَى بالوصف التي كُتِبَت أيضًا بعد قصائد الجزء الأول.
الجزء الثالث من الشوقيات طُبِعَ بعد وفاة أمير الشعراء أحمد شوقي، وبالتحديد في عام 1936، وقدَّم هذا الجزء كل قصائد الرثاء التي كتبها أحمد شوقي في حياته.
الجزء الرابع من الشوقيات نُشِر أيضًا بعد موته، وبالتحديد في عام 1943، وضمَّ عددًا من الأعمال الشعرية ذات الأغراض المختلفة.
يوجد أيضًا عدد من الأعمال الشعرية المتفرقة لأحمد شوقي، مثل المسرحيات التي تضم مسرحية مصرع كليوباترا ومسرحية مجنون ليلى ومسرحية قمبيز ومسرحية علي بك الكبير ومسرحية عنترة ومسرحية الست هدى.
كتب أحمد شوقي أيضًا عددًا من الروايات النثرية، مثل (عذراء الهند) التي كتبها عام 1897، ورواية (لادياس وديل وتيمان) التي كتبها عام 1899، ورواية (شيطان بنتاؤور) التي كتبها عام عام 1901، وكذلك رواية (ورقة الآس) التي كتبها عام 1904.
كما كان لأحمد شوقي عدد كبير جدًّا من المقالات التي نشرها في المجلات والصحف وجُمِعَت عام 1932 في كتاب باسم (أسواق الذهب)، فقد كتب في موضوعات عدة مثل قناة السويس والجندي المجهول والأهرام والانتماء.
مقتطفات من أشعار أحمد شوقي
من قصيدة مضناك:
مُضناكَ جَفاهُ مَرقَدُهُ وَبَكاهُ وَرَحَّمَ عُوَّدُهُ
حَيرانُ القَلبِ مُعَذَّبُهُ مَقروحُ الجَفنِ مُسَهَّدُهُ
أَودى حَرَفاً إِلّا رَمَقاً يُبقيهِ عَلَيكَ وَتُنفِدُهُ
يَستَهوي الوُرقَ تَأَوُّهُهُ وَيُذيبُ الصَخرَ تَنَهُّدُهُ
وَيُناجي النَجمَ وَيُتعِبُهُ وَيُقيمُ اللَيلَ وَيُقعِدُهُ
وَيُعَلِّمُ كُلَّ مُطَوَّقَةٍ شَجَناً في الدَوحِ تُرَدِّدُهُ
كَم مَدَّ لِطَيفِكَ مِن شَرَكٍ وَتَأَدَّبَ لا يَتَصَيَّدُهُ
فَعَساكَ بِغُمضٍ مُسعِفُهُ وَلَعَلَّ خَيالَكَ مُسعِدُهُ
الحُسنُ حَلَفتُ بِيوسُفِهِ وَالسورَةِ إِنَّكَ مُفرَدُهُ
قَد وَدَّ جَمالَكَ أَو قَبَساً حَوراءُ الخُلدِ وَأَمرَدُهُ
وَتَمَنَّت كُلُّ مُقَطَّعَةٍ يَدَها لَو تُبعَثُ تَشهَدُهُ
جَحَدَت عَيناكَ زَكِيَّ دَمي أَكَذلِكَ خَدُّكَ يَجحَدُهُ
من قصيدة يا ناشر العلم:
يا ناشِرَ العِلمِ بِهَذي البِلاد وُفِّقتَ نَشرُ العِلمِ مِثلُ الجِهاد
بانِيَ صَرحِ المَجدِ أَنتَ الَّذي تَبني بُيوتَ العِلمِ في كُلِّ ناد
بِالعِلمِ سادَ الناسُ في عَصرِهِم وَاِختَرَقوا السَبعَ الطِباقَ الشِداد
أَيَطلُبُ المَجدَ وَيَبغي العُلا قَومٌ لِسوقِ العِلمِ فيهِم كَساد
نَقّادُ أَعمالِكَ مُغلٍ لَها إِذا غَلا الدُرُّ غَلا الاِنتِقاد
ما أَصعَبَ الفِعلَ لِمَن رامَهُ وَأَسهَلَ القَولَ عَلى مَن أَراد
من قصيدة يا راكب الريح:
يا راكِبَ الريحِ حَيِّ النيلَ وَالهَرَما وَعَظِّمِ السَفحَ مِن سيناءَ وَالحَرَما
وَقِف عَلى أَثَرٍ مَرَّ الزَمانُ بِهِ فَكانَ أَثبَتَ مِن أَطوادِهِ قِمَما
وَاِخفِض جَناحَكَ في الأَرضِ الَّتي حَمَلَت موسى رَضيعاً وَعيسى الطُهرَ مُنفَطِما
وَأَخرَجَت حِكمَةَ الأَجيالِ خالِدَةً وَبَيَّنَت لِلعِبادِ السَيفَ وَالقَلَما
وَشُرِّفَت بِمُلوكٍ طالَما اِتَّخَذوا مَطِيَّهُم مِن مُلوكِ الأَرضِ وَالخَدَما
هَذا فَضاءٌ تُلِمُّ الريحُ خاشِعَةً بِهِ وَيَمشي عَلَيهِ الدَهرُ مُحتَشِما
فَمَرحَباً بِكُما مِن طالِعينَ بِهِ عَلى سِوى الطائِرِ المَيمونِ ما قَدِما
من قصيدة ولد الهدى:
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا بِـالـتُـرجُـمـ انِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ
نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
اِسـمُ الـجَـلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ أَلِـفٌ هُـنـالِـكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ
يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
وفاة أحمد شوقي
توفي أمير الشعراء والشاعر المصري الاستثنائي أحمد شوقي يوم 14 أكتوبر عام 1932 الذي كان يمارس الكتابة حتى يومه الأخير، كان قد انتهى من قصيدة طويلة ينوي أن يلقيها تحية للشباب المصري؛ تعبيرًا عن تأييده وفخره بمشروع أقيم في ذلك الوقت تحت اسم (مشروع القرش)، ليرحل أحمد شوقي الذي كان يكتئب ويحزن كثيرًا عند وفاة أحد أصدقائه، فقد حزن عليه الجميع، وبكى عليه الناس في شتى الأقطار العربية، لكن أعماله ما زالت نابضة بالحياة، وأثره الكبير ما زال ساريًا في الثقافة العربية وربما العالمية.
وفي الأخير نرجو أن تكون هذه الجولة السريعة في عالم أمير الشعراء أحمد شوقي قد قدَّمت لك المتعة والإضافة، ويُسعدنا كثيرًا أن تُشاركنا رأيك في التعليقات، ومُشاركة المقال على مواقع التواصل لتعم الفائدة على الجميع.
رائع ..إحسنتم النشر
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.