في هذه المقالة سوف نسلط الضوء على أبرز الصفات التي تُفقد الوالدين السيطرة على أبنائهم، وتجعلهم ضعافًا في أعين من حولهم، لا يملكون زمام الأمور داخل البيت، وأثر ذلك في نفسية الأبناء ومستقبلهم.
يُتهم بعض الآباء بعدم القدرة على إدارة أبنائهم وضبط سلوكياتهم، وهذا قد يعود إلى شخصية الأب نفسه، ليس أمام أبنائه فحسب، بل حتى أمام الزوجة، والزملاء في العمل، وكل من يتعامل معهم، يستغلون طيبته -وإن شئت فقل سذاجته- من أجل فرض وجهة نظرهم عليه.
نرصد في النقاط التالية بعض مظاهر هذا الضعف.
قد يعجبك أيضًا ملخص كتاب «القواعد العشر» في تربية الأبناء لعبد الكريم بكار
عدم القدرة على وضع القوانين
من المعروف أن لكل بيت قوانينه الخاصة به التي يفترض على الجميع، كبارًا وصغارًا، أن يلتزموا بها وأن يقفوا عندها ولا يُسمح لأحد بتجاوزها، وهذه القواعد والقوانين المنظمة للحياة داخل البيت والأسرة، يضعها رب الأسرة -الذي غالبًا ما يكون الزوج أو الأب- للأبناء.
هذه القوانين تشمل مواعيد النوم والاستيقاظ في أوقات العطلة والدراسة، ومواعيد تناول الطعام في حضور العائلة، والوقت المسموح به للتأخير خارج البيت، والوقت المسموح به الجلوس أمام الشاشات بأنواعها المختلفة.
فضلًا على قواعد الحوار بين الأبناء على أساس من الاحترام المتبادل، والحفاظ على نظافة البيت ونظامه وغيرها من الضوابط التي تضبط سلوكيات وتصرفات الأبناء داخل المنزل.
وتنبع أهمية وضع هذه القوانين كونها تساعد الأبناء في تطوير مهاراتهم الحياتية، وتوجه سلوكياتهم نحو التصرفات المقبولة، وتعلمهم أيضًا كيفية إدارة الوقت والتحكم فيه، وتحمل المسؤولية، واحترام الآخرين.
فالكبير يرحم الصغير، والصغير يحترم الكبير، فضلًا على أنها تحقق الانضباط الذاتي للأبناء.
من شأن هذه القواعد أن تساعد الابن في التنشئة في بيئة صحية سوية، عن طريق التنشئة على هذه القيم، التي يجدها بصورة مختلفة عندما يكبر، في المدرسة والجامعة، فتكون معينًا له بذلك على الالتزام بالقواعد والقوانين المنظمة لهذه المؤسسات، ولا يمكنه الخروج عنها، لأنه تربى على احترام النظام منذ نعومة أظفاره.
مشكلة الأب الضعيف هنا، أنه فاقد للسيطرة في كل ما سبق، فلا توجد قواعد منظمة، ولا قوانين خاصة بالبيت، وكل فرد يفعل ما يحلو له دون خوف من أحد.
فتكون النتيجة طفلًا غير منضبط، لا يلتزم بقواعد أو قوانين بل يتعمد كسرها وتجاوزها، يجلب المشكلات بل والمصائب لأسرته فيما بعد؛ لأنه لم يتربَّ على احترام القوانين الخاصة بكل مؤسسة.
أمثال هؤلاء الأبناء تجدهم يجلسون بالساعات أمام الشاشات بأنواعها المختلفة، والأغرب أن الأب هو من يحضر له الهاتف النقال في عمر مبكرة، ويعد ذلك نوعًا من التحضر والتمدن، بأن يقتني طفله هاتفًا نقالًا بغض النظر عن السلبيات التي وراءه، وهل يناسب المرحلة العمرية التي يوجد بها الطفل، أم أنه يمثل تهديدًا له.
هؤلاء الأطفال منفلتون أخلاقيًّا، يميلون إلى السلوك العدواني تجاه إخوتهم بالبيت وأقرانهم خارج البيت، لا احترام للكبير ولا عطف على الصغير، ولا يعبأ بوجود الأبوين، فحضورهما كغيابهما، ما يهمه فقط هو تلبية مطالبه، أناني لا يفكر إلا في نفسه.
قد يعجبك أيضًا كيف تجعل طفلك ينام مبكرًا؟
يخشى غضب أبنائه
الصفة الثانية لهذه النوعية من الآباء هي الخوف من غضب أبنائهم، فكثيرًا ما نسمع الأب محذرًا زوجته، ألا ترفع صوتها على ابنها، حتى لا يصرخ بوجهها، أو يعتدي عليها بالضرب أمام أحد، خاصة الأقارب وأفراد العائلة.
ففي الوقت الذي يفترض أن يعمل الابن لوالديه ألف حساب، ويخشى من ردة فعله إذا تصرف بشكل غير مقبول، نجد هنا أن الأب يخشى غضبة ولده، أو أن يرتفع صوته عليه أمام أحد، فيهز صورته أمام الآخرين.
وهذا لا يمكن وصفه بالتدليل الزائد، بل بالضعف الشديد وفقد زمام الأمور والسيطرة داخل البيت.
التربية تقتضي من الوالدين الحزم تجاه الوالدين حتى وإن تسبب ذلك في حزنهم أو غضبهم، أو امتناعهم عن الأكل والشرب ساعات، أو تجنب الحديث مع والديه؛ لأنك بالنهاية أنت من تربي، من تعرف الصواب من الخطأ، المقبول وغير المقبول.
فإما أن تربي طفلك، وإما أن تربيه، لا خيار ثالث أمامك، لأنها بالنهاية مسؤولية وسوف تحاسب عليها في الآخرة، وتجني ثمارها في الدنيا إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فلا تلومن إلا نفسك.
قد يعجبك أيضًا 5 مفاتيح لتربية طفل سعيد
التردد في اتخاذ القرار
الصفة الثالثة للآباء الضعفاء، التردد في اتخاذ القرار، فالابن الذي يتجاوز حده، سواء بالقول أو الفعل، لا بد أن يقابل ذلك بموقف حازم من الآباء، لئلا يكرر هذا التصرف مرة أخرى، يجب على الأب عقوبته، سواء بالمنع أو الحرمان من شيء يحبه.
غير أن هذه النوعية من الآباء يترددون في اتخاذ هذا القرار، فالحزم والحسم مفقود هنا، ويفضل الأب المنطقة الرمادية، في وقت لا يصح فيه إلا الصحيح، فالصواب لا يمكن القول إنه خطأ، والخطأ لا يمكن القول إنه صواب.
لذلك يبدو الحزم والحسم مطلوبين في تربية الآباء للأبناء لمنع تكرار السلوكيات والتصرفات غير المقبولة، ولكي يفكر مرارًا وتكرارًا في المرات القادمة، قبل أن يقدم على فعلها؛ لأن من أمن العقاب أساء الأدب.
قد يعجبك أيضًا هكذا تتكون شخصية طفلك
مكافآت مكافآت
في التربية يوجد الثواب والعقاب، وهما أمران لا غنى عنهما في تربية الأبناء، فالطفل عندما يجيد نكافئه، وعندما يخطئ نعاقبه، ليعرف أن هذا السلوك مقبول، وذاك غير مقبول، أما أن يسرف الأب في مكافأة طفله على كل قول أو فعل جيد يفعله فهذا ليس مطلوبًا في التربية؛ لأن الوسطية والاعتدال مطلوبان في كل شيء، دون إفراط ولا تفريط.
أما أن يعتاد الطفل على فعل سلوك معين رغبة في الحصول على مكافأة، فهذا أمر غير مقبول، ولا علاقة له بالتربية، وإنما المصلحة، من شأنه أن يخرج طفلًا أنانيًّا، لا يهمه سوى مصلحته وفقط، إن كان هذا الأمر سيعود عليه بالمنفعة سيقوم بفعله، وإن لم توجد مصلحة من ورائه، فلن يفعله.
والمكافآت ليست فقط مادية، بل يجب التنويع بها، فالحضن مكافأة، والقبلة مكافأة، والابتسامة مكافأة، والمدح والثناء والتشجيع مكافأة، أي أنه توجد مكافآت معنوية يجب أن تكون حاضرة في تربيتنا لأبنائنا، ولا نعوِّده على نوع واحد فقط منها؛ لأن التنويع مطلوب.
غير ذلك فإن التربية تقتضي من الأبناء السمع والطاعة لكلام وتعليمات وأوامر الوالدين حتى وإن لم يقتنع بها الابن، فالآباء أكثر خبرة ودراية بمصلحته، وليس شرطًا أن يكون مقتنعًا بكل ما يطلب منه، لأنه غدًا سيكبر ويدرك أن ما كان يفعله والداه معه، كان من أجل مصلحته.
ليست التربية فحسب، بل حتى في العلاقات الاجتماعية، المكافآت ليست الوسيلة الأفضل لتحسين العلاقات، بل على العكس قد تضر أكثر مما تنفع، وتجعل صاحبها يعيش وهم الصداقة أو القرب مع شخص قد يتضح لاحقًا أنه يعمل فقط من أجل مصلحته، وهذه ليست طريقة في التربية، فالإنسان لا يعيش لنفسه.
خلاصة القول.. لكي تكون أبًا حازمًا، يجب أن تتحلى بصفات القيادة داخل البيت، حتى وإن كان خيار الشورى موجودًا -وهذا أمر صحي- فالقرار بالنهاية قرارك أنت؛ لأنك رب الأسرة، وهذا يقتضي من الآباء تحديدًا ثقافة تربوية متجددة، يقرأ ويطالع ويستمع ويشاهد آراء خبراء التربية، ماذا يقولون في هذه الجزئية، فلا خاب من استشار.
وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات، شاركونا أراءكم في التعليقات أسفل هذه المقالة، وأيُّ هذه الصفات قد تكون موجودة لديك؟ وكيف تغلبت عليها؟
مقال رائع..أحسنتنم
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.