يعد سوق الشورجة في بغداد أحد أقدم وأشهر الأسواق التجارية في العراق، حيث يمتد تاريخه إلى العهد العثماني، محتفظًا برونقه التراثي ونشاطه الاقتصادي حتى اليوم. ويشتهر السوق بتنوع بضائعه، من التوابل والبهارات إلى العطور الفاخرة والأقمشة الراقية، ما يجعله وجهة أساسية للتجار والمتسوقين من داخل وخارج بغداد. فما أسرار هذا السوق العريق؟ وما الذي يجعله نقطة جذب فريدة لمحبي التراث والتجارة؟
تاريخ سوق الشورجة.. كيف نشأ السوق الأشهر في بغداد؟
تأسس سوق الشورجة في عصر الحكم العثماني بين أزقة بغداد القديمة، بدأ من شاطئ دجلة، وتوسع أكثر فأكثر ليشمل مساحة 4 كيلو مترات.
أسواق الشورجة المتخصصة.. من العطور إلى الملابس والبهارات
يحتوي سوقً الشورجة أسواقًا متخصصة، فتجد فيه أطيب العطور من الهند والصين وباكستان، وأفضل مساحيق التجميل من ماركات عالمية، وسوقها يسمى سوق (راميتا)، وبجانبه أزقة متعددة تخصَّصت دكاكينها ببيع كل شيء من الأدوات الكهربائية والثريات والإضاءة. وستجد مركزًا رئيسًا لتجار الملابس الرجالية يُسمى السوق العربي لبيع الملابس المستوردة، وهو بناية من ثلاثة طوابق.
ولا يخفى على أهالي بغداد -وخاصة ربات البيوت- أن أفضل وصفات الطعام تحتاج بهارات أصلية؛ لذا يُعد التسوق من سوق «الشورجة» واجبًا في كل شهر -ولا سيما مع إطلاق رواتب الموظفين- للحصول على الكاري والكركم والخلطات وبهارات للدولمة العراقية وباقي وصفات المطبخ العراقي المميز.
معالم سوق الشورجة.. مساجد وكنائس وآثار عريقة
في أحد جوانب السوق تجد مسجد وجامع الخلفاء الذي يعد تحفة معمارية تطل على شارع رئيس، وتقبع في وسط السوق كنيسة قديمة بجانب سوق (عقد النصارى) الذي لا يبعد كثيرًا عن جامع (الخلفاء).
وتجد تمثال الغريري وتمثال معروف الرصافي في سوق الشورجة يمثلان جزءًا من تاريخ العراق المعاصر. ولن تحتار في التقاط صور تذكارية، فأينما تبصر تجد ما يحثك على تصويره لتحتفظ به تذكارًا مصورًا عن نكهة بغداد التراثية ومواطنيها بمختلف طبقاتهم، حيث المطعم الذي يجمع تاجر الأقمشة مع عامل العربة وشرب الشاي المنكَّه بالحبهان، وبجانبه ألذ لبن مبرد يتناوله الجميع بعد تناولهم لسندويج الفلافل الشهير في بداية السوق من جهة الغرب.
سوق الغزل وسوق الصفافير.. الحرف التقليدية والتراث العراقي
في كل يوم جمعة، يجتمع بالقرب من سوق الشورجة هواة تربية الحيوانات من طيور الكناري والسناجب وأسماك الزينة وكلاب الحراسة والقطط والثعابين والأرانب وغيرها، فهو يُعد مكان تجمع كبيرًا، لذا تضطر الشرطة لقطع الطرق ومنع السيارات من الولوج في الشارع ليتسنى للمواطنين ممارسة هوايتهم تلك، ويُسمى سوقهم (بسوق الغزل) لأن بجانبه مباشرة تجار بيع خيوط غزل الصوف منذ أيام الدولة العثمانية.
من جانب آخر نجد في أزقته الضيقة سوقًا متواريًا خلف سياج يسمى سوق (الصفافير) مختص بصناعة الأواني النحاسية، وهو سوق يعتمد فيه الحرفيون على معدن النحاس لصناعة كل أواني المنزل من أقداح وأباريق وملاعق بمختلف الأحجام، وفيه تخصصات لصناعة المصوغات النسائية، مع هدايا ذات رموز إسلامية وعربية تراثية مثل الخناجر والسيوف، والصور المزخرفة على أسطح النحاس بشكل دائري أو مستطيل، وزخارف تتميز بخطوط عربية مثل خط الرقعة أو الخط الكوفي تمثل حكمًا وأمثالًا وآيات قرآنية. ويزور السوق كثير من السياح لما فيه من هوية عراقية بغدادية تمثل جزءًا من تراث العراق.
أما الأقمشة وستائر المنازل ومكائن الخياطة وسوق الذهب فلها مساحات واسعة بين أبنية قديمة من ضمنها بناية خان مرجان المشهورة بأنها كانت مطعمًا وفندقًا وكازينو في الأربعينيات.
سوق الشورجة القلب النابض للاقتصاد العراقي
يعد سوق الشورجة في بغداد ركيزة العراق الاقتصادية لما له من نشاط تجاري منوع بتنوع احتياجات المواطنين، فهو ليس فقط سوقًا؛ بل جزء من التاريخ العراقي العريق، وركيزة أساسية للاقتصاد المحلي. سواء كنت تبحث عن توابل نادرة، أو عطور فاخرة، أو قطع تراثية فريدة، فإنك ستجد كل ما تريده داخل أزقته التاريخية. هل زرت سوق الشورجة من قبل؟ وما هو القسم المفضل لديك؟ شاركنا تجربتك في التعليقات!
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.