سوق الحدرة بالمدينة المنورة.. تاريخ معماري وأصالة التراث

تُعد سوق الحدرة من أقدم الأسواق التراثية في المدينة المنورة، وقد أُنشئت على جانبي شارع الحدرة، أحد الشوارع الحيوية التي كانت مستخدمة منذ بدايات العصر الإسلامي.

تبتدئ هذه السوق من أمام باب السلام بالجنوب الغربي للمسجد النبوي.. وتسير إلى الغرب، متعرجة وملتوية في عدة أماكن منها حتى نهايتها التي هي عند الباب المصري غربي المدينة وشرقي المناخة.

تبتدئ هذه السوق من أمام باب السلام جنوب غرب المسجد النبوي إلى الباب المصري غربي المدينة

وهذه السوق كان شارعها مبلطًا بالحجارة المطابقة. ولقدم حجارة بلاطها كانت تبدو متآكلة ملساء مع أن حجارتها منخورة. لقد أثَّر فيها تقادم العهد وكثرة الدعس في الأجيال المتعاقبة منذ قرون عدّة. ولا بد أن ترميمات أُجريت ببلاطها حتى تَسنى له البقاء. وتبليط الأسواق والشوارع بمثل هذه الحجارة السود المتراصة تقليد جرى عليه العمران في الحضارة العربية.

كما توجد مثيلات له في بعض مدن المغرب الأقصى العربية القديمة، وفي دمشق بالشارع المسقوف المكتظ بالدكاكين والبضائع، المعروف بسوق الحميدية.

إطلالة معمارية أثرية على السوق

وتُطل على الشارع والسوق عمارات شرقية الطراز برواشينها الخشبية البارزة المُخرمة المُزخرفة، وبأبوابها السميكة الخشبية، بعقودها الحجرية الجميلة، وبطابعها الشرقي.. وبقاعاتها المفتوحة العلو ذوات الدكاك الحجرية الباردة. وبشرفاتها العربية الرائعة التي تزيدها حسنًا وجمالًا.

وهي ذوات طبقات بين الاثنين والثلاث والأربع، مماثلة في هذا، وفي كيانها العام مثيلاتها القديمات في كل من مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة، والطائف.

تُطل على السوق عمارات شرقية الطراز برواشينها الخشبية البارزة المُزخرفة وبأبوابها السميكة الخشبية

هذه الهندسة المعمارية ذهب كثير من معالمها في المدينة. والسوق الوحيدة، والشارع الوحيد، والدور المصطفة الوحيدة من الطراز الذي تتحدث عنه آنفًا، كل ذلك موجود في سوق الحدرة، في شارعها. وأسفل الدور بالشارع دكاكينها التي عليها مسحة من قدم أثريٍّ مشاهَدٍ.

ومن منازل سوق الحدرة دار السيد عبدالله مدني التي ورثها ابناه: السيد عبيد الله مدني وأخوه السيد أمين مدني، ودار السيد جمل الليل، ودار السيد عبد المطلب مفتي، وبيت الصافي وغيرها.

وقد فُرش شارع سويقة بالإسمنت الملوّن المُقطع كالطوب، ودخل عنصر البناء الحديث بالإسمنت المسلح بعض دورها. أما دكاكينها فأغلب أبوابها قد أُبدلت بالصفيح.. وكان ذلك في 27 شعبان 1392 هجري. وأملُنا أن يُبقى على هذه السوق ومنازلها على حالهما، لتكون معلمًا ناطقًا بطراز عمارات المدينة وأسواقها القديمة عبر التاريخ.. وألا يمتد التغيير إلى غير بلاطها الذي أُبدل بغيره.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة