هل تخيلت يومًا عظمة بناء يمتد لآلاف الكيلومترات عبر تضاريس متنوعة؟ إنه سور الصين العظيم، تحفة هندسية وتاريخية تجسد قوة وعراقة الحضارة الصينية القديمة، وليس مجرد جدار، بل شاهد حي على براعة التخطيط العسكري والإبداع المعماري الذي جعله بحق إحدى عجائب الدنيا السبع. في هذه الرحلة الاستكشافية، نتعمق في أسرار هذا الصرح المذهل، ونكشف عن تاريخه وأهميته وأسباب تصنيفه ضمن عجائب العالم.
سور الصين العظيم.. تعريف وأبعاد أطول سور في العالم
سور الصين العظيم هو أحد أبرز المعالم التاريخية والسياحية في العالم، فهو رمز للحضارة الصينية القديمة وعظمتها. يبلغ طول سور الصين العظيم 21,196 كيلومترًا، ويمتد هذا البناء الضخم من شانهايجوان شرقًا حتى مدينة جيايوقوان شمال غرب الصين؛ لذلك فهو يحمل الرقم القياسي بوصفه أطول سور في العالم.
شهادة اليونسكو.. القيمة التاريخية والثقافية لسور الصين العظيم
ووفقًا للموقع الرسمي لمنظمة اليونسكو (UNESCO) فإن سور الصين العظيم يظهر التصادم والتبادلات بين الحضارات الزراعية والبدوية في الصين القديمة، ويقدم دليلًا ملموسًا على بُعد النظر في التفكير الاستراتيجي السياسي لقوات الدفاع الوطني العسكرية الجبارة للإمبراطوريات المركزية في الصين القديمة، ويمثل مثالًا بارزًا على روعة العمارة العسكرية والتكنولوجيا والفن في الصين القديمة، ويجسد أهمية لا مثيل لها بوصفه رمزًا وطنيًا لحماية أمن البلاد وشعبها.
لماذا يعد سور الصين العظيم من عجائب الدنيا السبع؟
يُعرف سور الصين العظيم بأنه إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم، ليس فقط لتاريخه الطويل، ولكن أيضًا لحجم بنائه الهائل وأسلوبه المعماري الفريد. فقد تم إعلان سور الصين العظيم إحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة في عام 2007، واعترفت منظمة اليونسكو به باعتباره أكبر بناء من صنع الإنسان على وجه الأرض، ووفقًا لموقع Travel China Guide، فإن سور الصين العظيم يُعد من عجائب الدنيا السبع للأسباب الآتية:
1. تحصين عسكري فريد ومنظومة دفاعية عبر تضاريس متنوعة
يعبر سور الصين العظيم عن تحصينات دفاعية شاملة بُنيت باستخدام الحجارة والطوب والرمل والطين المدكوك وغيرها من المواد الأخرى، ويمتد هذا السور عبر تضاريس متنوعة تشمل سلاسل الجبال والسهول والصحاري وسهول غوبي وغيرها؛ ما يجعله أكثر من مجرد سور، بل هو منظومة دفاعية عسكرية ضخمة.
ويضم هذا المشروع مجموعة من الجدران الطويلة وأبراج المراقبة والمعابر والثكنات العسكرية ومحطات الحاميات، وكان الهدف الأساسي من بنائه هو منع الغزاة، فقد صُمم بطريقة تجعل اختراق الحدود الشمالية للصين القديمة أمرًا في غاية الصعوبة على الأعداء.
2. مراحل بناء سور الصين العظيم من القرن السابع قبل الميلاد عام 1878
يعود تاريخ بناء سور الصين العظيم إلى عهد أسرة تشو الغربية التي حكمت بين عامي 1046 و771 قبل الميلاد، لكنه لم يكن بالشكل الذي نعرفه اليوم، وأشهر مراحل بناء السور كانت خلال حكم الإمبراطور الأول تشين شي هوانغ في عهد أسرة تشين التي امتدت من عام 221 إلى عام 207 قبل الميلاد، فقد أمر ببناء سور يربط بين التحصينات المختلفة بهدف حماية الأراضي الصينية.
بعد ذلك استمرت عملية البناء على مراحل متقطعة تحت حكم سلالات أخرى مثل «هان» من عام 202 إلى 220 قبل الميلاد، و«جين» من 265 إلى 420، و«مينغ» من 1368 إلى 1644 التي تعد آخر سلالة شيدت سور الصين العظيم على نطاق واسع، وبنت معظم الأجزاء المتبقية التي نراها اليوم، ومع ذلك لم يتوقف بناء السور، فقد استمر بناء بعض الأجزاء حتى عهد أسرة تشينغ التي امتدت من 1644 إلى 1911.
3. طول سور الصين العظيم بالكيلومترات والأميال
كما ذكرنا سابقًا أن طول سور الصين العظيم يبلغ 21,196 كيلومتر أي 13,171 ميل؛ ما جعله يحصل على الرقم القياسي بوصفه أطول سور في العالم، وهذا يظهر عبقرية التصميم الهندسي لهذا السور، ويجعله يستحق مكانته بوصفه إحدى عجائب الدنيا السبع.
4. امتداد سور الصين العظيم عبر مقاطعات ومدن الشمال الصيني
يمتد سور الصين العظيم عبر أكثر من 15 مقاطعة ومدينة في مختلف أنحاء الصين؛ ما يجعله معلمًا فريدًا ومميزًا، ويشمل ذلك مدينتي بكين وتيانجين، إضافة إلى مقاطعات مثل خبي، وشانشي، وشنشي، وغانسو، ومنغوليا الداخلية، وهيلونغجيانغ، وجيلين، ولياونينغ، وشاندونغ، وتشينغهاي، وسيتشوان، وشينجيانغ، ومنطقة نينغشيا ذاتية الحكم، ولكن توجد أكثر أجزاء السور شهرة وزيارة في مدينة بكين.
هل يمكن رؤية سور الصين العظيم من الفضاء؟
يوجد اعتقاد شائع بين كثير من الناس أنه يمكن رؤية سور الصين العظيم من الفضاء، ولكن في الحقيقة أن هذه مجرد خرافة، ويعود سبب ذلك وفقًا لموقع National Geographic إلى أن السور يشبه كثيرًا الحجارة والتربة المحيطة به، فمن الصعب تمييزه بالعين المجردة حتى من مدار أرضي منخفض، ويصعب تمييزه في معظم الصور المدارية، ومع ذلك، هذا لا ينقص من روعة هذا البناء العتيق المذهل.
وفي ختام هذا المقال، لا شك أن سور الصين العظيم يُعد رمزًا للإبداع والعبقرية الهندسية على مر التاريخ، فهذا السور العظيم الذي يستحق مكانته بوصفه إحدى عجائب الدنيا السبع يجذب السياح من جميع أنحاء العالم لمشاهدته والاستمتاع بتفاصيله الهندسية الفريدة، فهو ليس مجرد سور عادي بل هو شاهد على عظمة الحضارة الصينية القديمة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.