«قل لي من تعاشر أقل لك من أنت»، مقولة قديمة جدًّا، لكن نسبة واقعيتها واختبار هذه الواقعية حتى هذه اللحظة هو مئة بالمئة لمصلحة هذه المقولة الأثرية والثمينة جدًّا في معناها، نعم، فالشخص هو الصورة العاكسة للمجتمع، الذي يحيا فيه ويعيش في أرجائه.
ومهما حاول أن يبقى نقيًّا ويحافظ على نفسه من التّغيّر إذا انخرط في بيئات أخرى مدة زمنية معينة لن يفلح معه ذلك، وسيكتسب بعض الطباع والتصرفات والكلمات حتى اللكنة واللهجة شاء أم أبى.
اقرأ أيضًا كيف يتم تقييم المخاطر في بيئة العمل؟
تأثير الأصدقاء في شخصية الفرد
قد تتعرف وتعاشر أناسًا ليسوا من ضمن بيئتك الاجتماعية ولا التربوية ولا حتى النفسية أو الشكلية؛ أي قد تختلف طريقة ملبسهم ومأكلهم ومشربهم عنك وأفكارهم، التي هي صلب ولبّ الموضوع؛ لأنهم قد يستسيغون ما لا تستسيغه، وقد يحللون ما تحرمه أنت، وقد يتصرفون بعكس طبيعتك، وإذا لم تشعر بشيء من الاختلاف، ولم تنسحب مبكرًا أو حتى حدثتك نفسك بأن لهم طبائعهم ولي طبعي.
أجزم وأؤكد لك أنك في أول طريقك إلى حياتهم، التي لا تناسبك، واندماجك الذي سيزداد يومًا عن يوم بهم، وقد يتعدى حدود المعقول، ففي الواقع إن أي أمر كنت تشعر بأنه غريب عنك وغير متوافق مع تربيتك وبيئتك لو حصل أمامك للمرة الأولى وتخطيته سيصبح تكراره أمرًا سهلًا جدًّا، فأصعب المراحل في أي أمر في هذه الحياة هي المرة الأولى.
اقرأ أيضًا البيئة قبل الولادة
كيف أحمي نفسي من أثر البيئة السلبية؟
حسنًا، لطالما بدأت تفكر في هذا السؤال فأبشرك بأنك في طريق العودة الصحيح، ومن الطبيعي أن لكل شيء في هذه الحياة حلًّا، ولكل مرض علاجًا، ولكل إدمان خلاصًا، لذلك كن على يقين أنك قادر على الابتعاد والتعود.
وأول خطوة سهلة جدًّا هي إلغاء وقطع التواصل، وسد القنوات التي من الممكن إذا بقيت عليها ستبقى تحت ظل هؤلاء الأشخاص، وسيترتب أي صيت لأفعالهم على عاتقك أمام المجتمع والآخرين لذلك القطع الجازم والحازم والحاسم في هذه المرحلة هو الحل الأفضل والأنجع والأنجح، ثم محاولة العودة إلى نفسك وبيئتك وأهلك وأصدقائك الذين تربيت معهم، ثم إلهاء نفسك بأمور تحبها، وكأنك تتعافى من قصة غرام فاشلة، والرجوع إلى أحلام طفولتك.
فالحنين إلى الطفولة في هذا الأمر هو أهم بوابة لإعادتك إلى حياتك السابقة، ومحاولة بذل مزيد من الجهد للتخلص من الإفرازات السلبية والأشخاص غير الملائمين الذين أغدقت بهم الحياة علينا في ظل اندماجنا بها.
وأخيرًا أنا وأنت نعرف أننا لن نتمكن من العيش وحولنا أسوار حديدية وفولاذية ستمنعنا عن الآخرين، وتمنعهم عنا، ومن الطبيعي في مسيرة حياة الإنسان حتى يكتسب مزيدًا من الخبرات أن يلتقي بالنماذج المختلفة، لكن هذا المقال يخبر الأشخاص الذين غاصوا في دوامة محيطات وبحار لا تشبههم وضلوا عن طريق العودة أن الطريق لا يزال مفتوحًا أمامهم، وبإمكانهم أن يكونوا في أمكنتهم التي تركوها مرة أخرى، وأنهم قادرون على أن يكونوا على وفاق مع جميع البيئات والطبقات بما تمليه عليهم طبيعتهم الشخصية والتربوية والاجتماعية، فالإنسان يبقى ابن بيئته، ولن يهنأ أو يهدأ له بال ما دام بعيدًا عنها.
سبتمبر 18, 2023, 4:54 م
👍❤️
سبتمبر 18, 2023, 5:08 م
مقال هام
سبتمبر 18, 2023, 5:10 م
مفيدد جدا احسنتي القول
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.