في قصيدةٍ متّقدة بالمشاعر، ينسج الشاعر لوحةً شاعرية بين سكرةٍ من وهمٍ ويقظةٍ من ألم، فتمتزج الذكرى بالنسيان، والنبض بالسكون، تتأرجح الأبيات بين الحنين والوعي، وتغوص في عمق التجربة الإنسانية حين تصبح الذكرى خيانةً صامتة، والنبض صوتًا يفضح القلب الضعيف. هذه القصيدة ليست كلمات فقط، بل صراع داخلي يظهر هشاشة الإنسان أمام العثرة، والغواية، ونداء الغياب.
في سكرةٍ من سلُوّ وعثرةٍ مـــــــــــــن خلُوِّ
ذكرُ الأحبَّةِ يغوي لما أتى بــــــــــالمُدَوِّي
وردَّةٍ كاد يـــــأتي محوٌ بها بــــــــــعد بتِّ
ونبضُها بـعد وقتٍ صعبٌ، غدا وهي تذوي
والنبضُ يسكرُ فيه فصار مثل ســــــــــــفيهِ
نباهةٌ تصــــــطفيه فماتَ في أرض شأوِ…
وسكرةُ النبضِ ردٌّ على الســــــــكونِ وحدُّ
وسكرةُ العينِ صـدٌّ لما غدا سوف تطوي…
يا سكرةَ الوهمِ أنَّى يــــــبلُّ رشدُك مُضْنَى؟
وكان يرسمُ معــنى لما عليه ســـــــــــيلوي
أغناك رُشدٌ وألهــى وفي الغــــــــوايةِ أدهى
إن لم يكن لك مَنْهَى أخوك ليـــــس يقوّي…
إفريقيـا فيــــكِ رشدٌ إلى الذي فيــــــــه شُهْدُ
وإنما أنتِ ســـــــعدٌ لكل ما الخيرُ ينوي…
في «سكرة النبض» نقرأ تيهًا لا يُرجى له صحو، ونبضًا يُرهق العقل قبل القلب. القصيدة تنتمي لتلك النصوص التي تفيض بحزن ناعم وتكثيف دلالي، تجعل القارئ يعيد قراءتها مرارًا بحثًا عن يقين ضائع. نصّ غني بالتأملات، يرسّخ حضور الشعر كصوت داخلي لا يهدأ، يعيد تشكيل الذاكرة والهوية في آنٍ واحد.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.