في هذه القصيدة المتدفقة بالرمزية، نقرأ نشيدًا شعريًا عن ظمأ الروض، ذلك العطش الذي يرمز إلى شوق الأرض للغيث، وشوق الأرواح للمطر الذي يحييها. تأخذنا الأبيات في رحلة تأملية بين السحاب والرياض، فتنقلب الطبيعة إلى كائن حي يشتاق، ويتضرع، ويحتفل بوعد المطر. ومع ذكر «إفريقيا» في النهاية، تأخذ القصيدة أبعادًا أعمق، وتتحول إلى صرخة قارةٍ بِرُمَّتها تنتظر الحياة.
ظمأى إلـــــيكِ أراضي يا قطرةً في حياضِ
سحابُ وعــدكِ راضٍ والظلُّ ما عنك ماضِ
ويحشدُ الروضُ زهرا يشكو إلى القطرِ قهرا
وحين يــنزلُ دهـــــرا والقحطُ في الروضِ قاضِ
والروضُ يجــمعُ أمرا وردَّ للوردِ بـــــــشرى
أتى سحـــــابٌ وأغرى للروضِ إيماضَ فاضِ
ظمأى سحـــــائبُ ترنو إلى الرياض وتــــــدنو
عليكَ يا روضُ تحــنــو ألحانُها في انتفـــــاض
لحنُ الســـــحائبِ يُحيي روحًا تـــموتُ…يُحيِّي
وإنه كـــــــيف يُعْيِي… رقْصا أتى امتعاض؟
يا روضُ إنك تنفـــــــي بقاءَ جوعِك…تشفي…
أبيت يوما وتكــــــــــفي من كان فيك يقـــاضي
إفريقيـا أنت ظمْئى…. إلى الســــــحائبِ بدءًا
تأتي الســــــحائبُ ملأى بكلِّ سعدِ افتـــــراض
تسدل القصيدة ستارها على نداءٍ خفي، لكنه عميق، ينبض من أرضٍ عطشى، ومن أرواح تنتظر. بين السحاب والروض، وبين العطش والوعد، تعبر هذه الأبيات عن الترقب والرجاء، وعن الحياة التي لا تُولد إلا حين تهطل الكلمة كالمطر. إنها قصيدة تُسمع بالقلب، وتُقرأ كمنشورٍ في سماء المعنى.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.