إلى جانب ولعه بالنساء، كان الملك أمنحتب مولعًا ببناء القصور والمعابد التي تخلد اسمه، وقد ترك آثاره تملأ البلاد طولًا وعرضًا من الشمال إلى الجنوب. مستعينًا برجاله المخلصين مثل نب آمون وابن حابو. فقد بنى الملك أمنحتب معبده الكبير في غرب طيبة، عظيم المساحة، أعمدته مغطاة بالذهب، وأرضيته بالفضة، ليخلد اسمه وذكره، حتى يكون مكانًا يليق بالإله آمون. وجعل على بوابته تمثالين عظيمين، يبلغ طول الواحد منهما تسعًا وستين قدمًا، وطول ساقه تسعة عشر قدمًا ونصف القدم، وطول قدمه عشرة أقدام، أما عرض صدره فكان عشرين قدمًا.
وقد صنع له الصانعون سفينة لم يُعرف مثلها من قبل، إذ بلغ طولها مئتين وأربعة وعشرين مترًا، وتُعد أكبر سفينة في التاريخ. كان الملك يريد أن يعبر عن عظمة الدولة وغناها بين الأمم، ويؤكد قدراتها وقدرات شعبها على العمل والبناء.
فقد كان، على الرغم من حياة الترف التي يحياها، مهاب الجانب في بلاطه، ولا يتوانى عن إعدام كل من تسول له نفسه الخروج عليه في الداخل والخارج.
لكن للأسف، فإن هذه الحياة المترفة التي كان يعيشها الملك أمنحتب الثالث، وانغماسه في الملذات والشهوات، كان لها أكبر الأثر في تدهور صحته بسرعة كبيرة. فها هو يجد نفسه، قبل أن يبلغ الخمسين من عمره، وقد ترهل جسده، وظهرت التجاعيد على وجهه، وقد نحت النحاتون له تمثالًا وهو يجلس بجوار زوجته، يبدو كهلًا عجوزًا، مترهل الجسد، فاقدًا للقوة والتركيز، بعد أن ابتدع شيئًا آخر في عهده لم يكن في السابق، وهو أنه كان يسمح بتصوير العائلة الملكية على طبيعتها في حياتها اليومية، دون إضفاء الملامح الأسطورية ومظاهر العظمة والحجم الكبير المبالغ فيه، التي اعتاد أسلافه على رسمها. بل كان يطلب منهم تصويره على حقيقته وحجمه الطبيعي، وكان يخرج إلى عامة الشعب ويمشي وسطهم، يحبونه ويحبون زوجته الملكة تي، التي هي في الأصل من عامة الشعب.
ظهرت الخلافات بين الملك أمنحتب الثالث وزوجته تي التي سئمت من تصرفاته وأفعاله وإسرافه في شرب الخمر والتلذذ بالغانيات، فراحت هي تدير شؤون البلاد، حاولت أن تعيد حالة الانضباط إلى صفوف الجند، ومتابعة أحوال جيران المملكة، والتواصل مع الممالك الأخرى، لكن المرض بدأ يهاجم الملك أمنحتب فشُغلت بالوقوف إلى جانبه وإحضار الكهنة والأطباء لعلاجه.
هنا لم يجد الملك بدًّا من إشراك ابنه أمنحتب الرابع «إخناتون» في إدارة البلاد، وجلست الزوجة الوفية تي إلى جانبه، وظلت ترعاه وتواسيه في مرضه، أحضرت له كل الأطباء في المملكة، وقدمت القرابين للآلهة، حتى إنها أبلغت ملك بابل بمرض زوجها الذي أرسل له آلهة بابل العظيمة، الإلهة «عشتار»، لتشفيه وتعالجه، وطلب منها استقبالها وتقديم القرابين لها، لكن هذا لم يفلح، فوافته المنية، وكان وقتها قد بلغ الخمسين من عمره.
حزنت «تي» الزوجة الجميلة على زوجها حزنًا كبيرًا، وظلت مدة حبيسة غرفتها بالقصر تبكي زوجها.
حاول كل من حولها من أبناء وبنات وجواري أن يخففوا عنها، وسادت حالة من الحزن في البلاط، وخِيف من تدهور الأوضاع وهجوم الطامعين في الداخل والخارج.
👏👏👏
🌹🌹🌹🌹🌹🌹
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.