في مجتمعنا، فيُعد زواج القاصرات "حلًا" لمشكلات قد تكون وهمية، ننسى أن هذه الزيجات ما إلا اغتيال للبراءة واغتصاب لحقوق الطفولة.
ما إن تُجبر الطفلة على دخول قفص الزوجية، حتى يُسلب منها حقها الطبيعي في الحياة، في اللعب، في الطموح، وفي النمو العقلي والنفسي.
زواج القاصرات ليس مجرد عقد شرعي، بل هو جريمة اجتماعية تُرتكب تحت شعار "الحماية" أو "الشرف"، في حين أنه في الحقيقة هو سجن مقيت يفتح أبوابه على مصراعيها ليدخل الأطفال إلى عالم لا يعرفون عنه شيئًا، عالم من المسؤوليات والضغوط التي تفوق أعمارهم. كيف لطفلة أن تكتشف نفسها أو أن تبني أحلامها وسط هذا العبء الثقيل من التوقعات؟
في هذه الزيجات، يتم تهميش الطفلة وتُحرم من الاستمتاع بأبسط حقوقها. تجد نفسها في مواجهة حياة الكبار من دون أن تكون مؤهلة لذلك، لا عاطفيًا ولا نفسيًا. هي لا تزال في مرحلة تتشكل فيها شخصيتها، وعقلها لم يكتمل بعد، فكيف بها أن تكون زوجة وأمًا؟
الأسوأ من ذلك هو تبعات هذه الزيجات على الصحة الجسدية والنفسية للطفلة. جسمها لم يكتمل بعد ليحمل مشقة الحمل والولادة، ما يهدد حياتها وصحتها باستمرار.
هذه الزيجات تُنتج جيلًا جديدًا من الأطفال الذين يُجبرون على تحمل مسؤوليات تفوق قدرتهم، ما يؤدي إلى تفشي الظواهر الاجتماعية السلبية.
وعلى الرغم من كل هذه الأضرار، ما زال البعض يصر على أن زواج القاصرات "حماية" لهذه الفتيات، في حين أنه في الواقع قتل لأحلامهن.
لا يمكن أن يُعد الزواج حلًا لمشكلات اقتصادية أو اجتماعية حينما يتم على حساب حياة الفتيات، فيجب أن تكون الحماية بمنحهن حقوقهن في التعليم، وفي بناء مستقبل بعيد عن قيد العادات القديمة.
علينا أن نتوقف عن التذرع بالأعراف والعادات التي تتناقض مع أبسط حقوق الإنسان. يجب أن يكون لدينا الوعي الكافي لأن نمنح كل فتاة الفرصة للعيش بكرامة، وأن نواجه هذه الممارسات المدمرة بكل حزم. إن زواج القاصرات هو اغتيال للبراءة، وهو جريمة لا تُغتفر بحق الطفولة.
لنُعلِّم الأجيال القادمة أن الطفولة ليست قيدًا ولا عبئًا، بل هي مرحلة يجب أن تُعاش بكل تفاصيلها، بعيدًا عن أي قيود مفروضة، وأن الزواج ليس إلا مرحلة ناضجة يجب ألا يدخلها أحد قبل أن يصبح مؤهلًا لها عقليًا وعاطفيًا.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.