سيد علي عبد الرشيد سبتمبر 22, 2022, 12:43 م

ريحٌ فصيحة.. خاطرة نثرية

يا خرساء ناطقة، ويا صامتة صاعقة، ويا كارهة عاشقة، ويا باقية آبقة، ويا مالكة سارقة.

آن وقت هبوبك، ووقت كتم عيوبك، ووقت صعودك وشروقك وغروبك، ووقت ركوبك...

أتيتِ وارتجفتِ الأرجاء، ورجرجت الأشياء، واغتابكِ الأضواء، ووشتْ بكِ الأهواء....

أتيتِ ودققتِ باب التراب، وكسحتِ كيدَ السراب، وقبضتِ على طيران الغراب...

يوم لقيتْك الأعاصير، ظننت أن ما تفعله ما أوحتْ إليها الأساطير، فقالتْ لك:

-إن كنت ريحاً فقد لقيت إعصارًا، فنجّتْك المقاديرُ...

يداكِ اللتان تُسقطان ذا القوة، لم تُبْتَرا، ولكن اخشَ ذا النخوة؛ حتى لا تقع في الهُوّة، وخفْ أهل السطوةَ.

تذكرتَ كم خلقٍ صار بك أعمى لما حثوت من التراب حفنات، وتذكرت كم هرب منك ذو الذكاء بتغطية الجفنات...

التصقت بالجدار تنتظر من تجتثُّ، ووقفت ساعات في الخارج تنتظر من سيقع فيما تُبعث، وكأنك تريد تعبث...

رقصتْ على غير أنغام وغناء وطرب، تفكر في كيفية أن تجعل ذوي الألباب في النُوَب والكُرَب، وتسخر من ذي رِجلين وحَسَب.

جمعتِ كيدكِ ثم أزجيت بعض الفِتن، وقدمتِ إلى التجمعات للتفرقة كأنكِ من أهل الإحَن، هلا رميتِ بهذه المِحَن...

حملتِ الهول على ظهركِ الذي يشبه صهوة الخيال، فمن تحداكِ أوقعتَه في الأوجال، وأوقعته في الضلال والاضمحلال...

كفاكِ أن مجيئك مخوِّف، وكفى الإنسان أنه مجوَّف، فمن أبصركِ من كثَبٍ رأى أن دورانَك مطَّوِّف، ويوماً من الأيام سلطانك لا يقلِّل ولا يخفف...

مررت بين الجموع خيلاء، ومررت بالسرعة بين من كانوا حكماء، فأدركوا أنك كنت لمن عاصرك دعاء...

يا بنتَ الطبيعة، ويا أخت الآية والصلة، لا أم القطيعة، ما لهذه الجموع منكِ في الفجيعة، وما لهذه الأرجل منكِ في الوديعة؟

نرقى فيكِ إلى مواقف السحابة، وننال فيكِ خير الإصابة، وبعض الهيام والصبابة، ولا نمرح في الضيق، بل في الرحابة...

يا ريح.. ما لكِ ساكنة يوم السكون؟

وما لكِ راكنة يوم الركون؟

تعالي إلى هذا المكان لتكملي بقية المشوار...

بقلم سيد علي عبد الرشيد

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

أ . عبد الشافي أحمد عبد الرحمن عبد الرحيم

ديسمبر 7, 2022, 3:57 م

جميييييييل ..

أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة