نستعرض في هذا المقال أوراقًا بحثية عن الاكتشافات العلمية المثيرة التي حدثت مؤخرًا، بداية من استخدام الليزر للكشف عن وشم المومياوات إلى روبوتات المحاكاة للقطط.
تتبع التغيرات في الثقب الأسود بمرور الوقت
في عام 2019، أعلن تلسكوب أفق الحدث عن أول صورة مباشرة لثقب أسود في مركز مجرة إهليلجية، مسييه 87 (M87)، تقع في كوكبة العذراء على بعد نحو 55 مليون سنة ضوئية. وقد جمع علماء الفلك الآن بيانات رصدية سابقة لمعرفة مزيد عن الديناميكيات المضطربة للبلازما بالقرب من أفق حدث M87 بمرور الوقت، وفقًا لورقة بحثية نُشرت في مجلة Astronomy and Astrophysics.
وقد شبَّه المؤلف المشارك لوتشيانو ريزولا من جامعة جوته في فرانكفورت بألمانيا التحليل الجديد بمقارنة صورتين لجبل إيفرست، بفارق عام واحد. وفي حين من غير المرجح أن يتغير الهيكل الأساسي للجبل كثيرًا خلال ذلك الوقت، فمن الممكن ملاحظة التغيرات في السحب بالقرب من القمة واستنتاج خصائص مثل اتجاه الرياح من ذلك.
على سبيل المثال، في حالة M87، أكد التحليل الجديد وجود حلقة مضيئة تكون أكثر سطوعًا في الأسفل، ما يؤكد بدوره أن المحور الدوراني يشير بعيدًا عن الأرض، وقال ريزولا: "ستجري مزيد من هذه الملاحظات في السنوات القادمة وبدقة متزايدة، والهدف النهائي هو إنتاج فيلم لما يحدث بالقرب من M87".
أشعة الليزر تكشف عن وشم مومياء بيروفية
كان البشر في جميع أنحاء العالم يرسمون الوشوم منذ أكثر من 5000 عام، وذلك استنادًا إلى الآثار الموجودة على بقايا المومياوات المحنطة من أوروبا إلى آسيا وأمريكا الجنوبية، ولكن قد يكون من الصعب فك رموز تفاصيل تلك الوشوم؛ نظرًا لمدى ميل الحبر إلى "النزيف" بمرور الوقت، جنبًا إلى جنب مع التحلل الجسدي المعتاد. ويمكن أن يساعد التصوير بالأشعة تحت الحمراء، ولكن في تطور مبتكر، قرر العلماء استخدام أشعة الليزر التي تجعل الجلد يتوهج بطريقة خافتة للغاية، ما يكشف عن عدد من التفاصيل الدقيقة المخفية للوشوم الموجودة على مومياوات بيروفية عمرها 1200 عام، وفقًا لورقة بحثية نُشرت في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم.
وهذه هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها تقنية الفلورسنت المحفز بالليزر على بقايا بشرية محنطة، وتعمل الفلورسنتات الموجودة في الجلد على إضاءة أي وشم، وبعد المعالجة اللاحقة، أظهرت الصور ذات التعرض الطويل بشرة بيضاء خلف الخطوط العريضة السوداء لفن الوشم، وهي صور مفصلة للغاية بحيث يمكن قياس الاختلافات في كثافة الحبر والقضاء على أي آثار نزيف.
وحدد المؤلفون أن الوشم على أربع مومياوات -أنماط هندسية ذات مثلثات ومعينات- صُنع باستخدام حبر أسود قائم على الكربون، وطُبِّق بمهارة باستخدام جسم مدبب أدق من إبرة الوشم الحديثة القياسية، ربما إبرة صبار أو عظمًا حادًّا.
الممرات المخفية في قلعة سفورزا
من بين عدد من أمجاد ميلانو، قلعة سفورزا التي بناها فرانشيسكو سفورزا في القرن الخامس عشر على بقايا حصن سابق بوصفها مقرًّا لإقامته الرئيسي. وتكثر الأساطير عن القلعة، وأبرزها وجود غرف وممرات سرية تحت الأرض. على سبيل المثال، كان لودوفيكو إل مورو، دوق ميلانو من عام 1494 إلى عام 1499، حزينًا للغاية على فقدان زوجته في أثناء الولادة لدرجة أنه استخدم ممرًا تحت الأرض لزيارة قبرها في كنيسة سانتا ماريا ديلي غرازي - وهو ممر يظهر في رسوم ليوناردو دافنشي الذي عمل في البلاط بعض الوقت.
وقد تحققت الآن هذه التجاويف والممرات تحت الأرض، وذلك بفضل مسح جيوفيزيائي باستخدام رادار اختراق الأرض والمسح بالليزر الذي أُجري جزءًا من أطروحة الدكتوراه. وقد عُثِر على عدد من التجاويف والممرات المدفونة تحت الأرض داخل الجدران الخارجية للقلعة، بما في ذلك ممر لودوفيكو وما قد يكون ممرات عسكرية سرية. ويخطط المشاركون في المشروع لإنشاء "توأم رقمي" لقلعة سفورزا بناءً على البيانات التي جُمِعت، وهو ما يتضمن مظهرها الحالي وماضيها. وقد يكون من الممكن أيضًا دمج هذه البيانات مع الواقع المعزز لتوفير تجربة رقمية غامرة.
فيزياء الرماح والسهام المتذبذبة
ومن بين الأشياء التي تجعل البشر فريدين من نوعهم بين الرئيسات هي قدرتهم على رمي أشياء مختلفة بسرعة ودقة (مع بعض الممارسة) -الرماح أو السهام على سبيل المثال- وذلك لأن الكتف البشري مواتٍ تشريحيًّا لتخزين وإطلاق الطاقة المرنة اللازمة، وهي الصفة التي حاكاها العلماء في الروبوتات لتحسين الكفاءة الحركية. ووفقًا لمؤلفي ورقة بحثية نُشرت في مجلة Physical Review E، فإن استخدام المقذوفات المرنة الناعمة يمكن أن يحسن كفاءة الرمي، وخاصة تلك التي تكون أطرافها مثقلة بكتلة مثل رأس الحربة.
كان غيوم جيومبيني من جامعة كوت دازور في نيس بفرنسا وزملاؤه يرغبون في استكشاف تأثير "الدفع الفائق" هذا بصورة أعمق، باستخدام مزيج من البيانات التجريبية والمحاكاة الرقمية والتحليل النظري، وقد استوحى الباحثون المقذوفات التي استخدموها في تجاربهم من أقواس الرماية، وكانت تتألف من ذراعين فولاذيتين مسطحتين متصلتين بخيط، وتعملان في الأساس كنوابض لإعطاء المقذوف المرونة اللازمة، ووضعوا قطعة مسطحة من البلاستيك الصلب في منتصف الخيط كونه منصة.
اختُبر بعض المقذوفات بمفردها، في حين ثُقِّل بعضها الآخر بكتل طرفية، وثُبِّت كل مقذوف في مكانه بواسطة شوكة قبل الإطلاق، وقاس العلماء السرعة والتشوه في أثناء الطيران، ووجدوا أن الاهتزاز الناتج عن المقذوفات ذات الطرف المرجح أدى إلى زيادة في الطاقة الحركية بنسبة 160% مقارنة بالمقذوفات الأكثر صلابة وغير المرجحة.
مفارقة قطة شرودنجر للكشف عن الأخطاء
إن مفارقة قطة شرودنجر في الفيزياء تمثل استعارة ممتازة لتراكب الحالات الكمومية في الذرات. وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، تمكن الفيزيائيون من بناء نسخ مختلفة من قطة شرودنجر في المختبر، إذ يستطيع جسيمان أو أكثر أن يكونا في حالتين مختلفتين في الوقت نفسه -ما يسمى "حالات القطة"، مثل ست ذرات في حالتي "الدوران لأعلى" و"الدوران لأسفل" المتزامنتين، مثل الدوران في اتجاه عقارب الساعة وعكس عقارب الساعة في الوقت نفسه. ومع ذلك، فإن مثل هذه الحالات هشة، وسرعان ما تفقد تماسكها، وتوصل الفيزيائيون في جامعة نيو ساوث ويلز إلى تحول جديد في حالة القطة أكثر قوة، وفقًا لورقة بحثية نُشرت في مجلة Nature Physics.
لقد استخدموا ذرة من الإثمد مدمجة داخل شريحة سيليكون كمية، وهي ذرة ثقيلة جدًّا وتتمتع بدوران نووي كبير، ما يسمح لها بالتحرك في ثمانية اتجاهات بدلًا من الاتجاهين التقليديين (الدوران لأعلى والدوران لأسفل)، ويسهم هذا التنوع في تحسين تصحيح الأخطاء الكمية التي تُعد واحدة من أكبر التحديات في الحوسبة الكمومية، إذ يوفر مساحة أوسع للتعامل مع الأخطاء مقارنة بالكود الثنائي.
وفي هذا السياق، أوضح المؤلف المشارك شي يو من جامعة نيو ساوث ويلز قائلًا: "كما يقول المثل، القطة لها تسع أرواح، وخدش صغير لا يكفي لقتلها. أما قطتنا المجازية، فلها سبع أرواح، ما يعني أن الأمر سيستغرق سبعة أخطاء متتالية لتحويل "0" إلى "1"." وفضلًا على ذلك، فإن دمج الذرة في شريحة السيليكون يجعل هذه التقنية قابلة للتطوير.
روبوت كيتي يقلد سلوك القطط
سيخبرك أي محب للقطط أن القطط تُظهر عاطفتها للبشر بفرك رؤوسها على الأجسام (عادةً السيقان أو اليدين). يُطلق على ذلك "الرقص"، وغالبًا ما يكون مصحوبًا بالخرخرة، وهو أحد العوامل التي تجعل العلاج بالحيوانات الأليفة فعالًا للغاية، وفقًا لمؤلفي ورقة بحثية نُشرت في ACM Transactions on Human-Robot Interactions.
لهذا السبب، أنشأ الباحثون روبوتًا صغيرًا مصممًا لتقليد سلوك الرقص، إذ أجروا تجارب مختلفة لتقييم ما إذا كان المشاركون من البشر يجدون تفاعلاتهم مع الروبوت القط علاجية، وقد صُمِّمت نماذج الروبوتات لتكون صغيرة بما يكفي لتناسب حِضن الإنسان، ثم إنها تتميز بإطار مطبوع ثلاثي الأبعاد ورأس مغطى بقماش بوليستر فروي، ما يجعلها أكثر واقعية وملاءمة للاستخدام العلاجي.
نظرًا لضرورة أن يكون العنق مرنًا لتقليد سلوك الرعاك، فقد أدرج المؤلفون آلية تتيح تعديل صلابته بواسطة شد السلك، ثم اختبروا نماذج أولية مختلفة مع طلاب جامعيين، إذ ضبطوا صلابة العنق على مستويات منخفضة وعالية ومتغيرة، وقد أفاد الطلاب بأنهم شعروا بتوتر أقل بعد التفاعل مع الروبوتات، غير أنه لم يكن يوجد فرق كبير بين الإعدادات، على الرغم من أن المشاركين فضلوا الإعداد المتغير قليلًا.
نحن نعلم ما تفكر فيه: لماذا لا تحصل على قطة حقيقية أو تزور مقهى القطط المحلي الخاص بك؟ يلاحظ المؤلفون أن عددًا من الناس يعانون حساسية القطط، ويوجد أيضًا خطر التعرض للعض أو الخدوش أو انتقال الأمراض؛ وعلى هذا جاء الاهتمام بتطوير روبوتات تشبه الحيوانات للتطبيقات العلاجية.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.