يعد روبرتو روسيليني رائد السينما الواقعية في العالم، بناءً على استخدام نقاد السينما العالمية فيلمه "روما مدينة مفتوحة" إعلانًا رسميًّا لبدء عصر الواقعية في السينما.
اقرأ أيضاً أفضل 10 أفلام كرتون تأخذك إلى ذكريات الطفولة
روبرتو روسيليني مؤسس الواقعية
ولد روبرتو روسيليني في 8 مايو عام 1906، وعاش في إيطاليا معاصرًا للحكم الفاشي، وفي صباه عشق السينما وانبهر بها، واتجه للعمل فيها في مختلف مجالاتها، فبدأ العمل فني إضاءة، وتنقل حتى أصبح مهندس ديكور سينمائي، ثم التحق بمعهد "الضوء"، وهو معهد إيطالي كان يهتم بتدريس صناعة الأفلام التعليمية والوثائقية. تخرج فيه، وقدم 3 أفلام تعليمية.
ثم قرر أن يخوض تجربة الإخراج الروائي في بداية الأربعينيات، فقدم أفلامًا تشبه السينما الإيطالية وقتها، مثل فيلم "عودة طيار" عام 42، وفيلم "رجل الصليب" عام 43، وكانت تلك المرحلة في السينما الإيطالية تسمى أفلام التليفونات البيضاء؛ لأنها كانت تتناول طبقة معينة من المجتمع، ولا تدرك إمكانية تقديم واقع من أساسه.
في عام 1945 بدأ الفكر الوطني في إيطاليا يسلك اتجاهات جديدة، انتقلت إلى صناع السينما الذين قرروا إعادة صياغة طابع السينما الإيطالية، والخروج بها إلى موضوعات جديدة تنتمي إلى معاناة الشعب أيام الحرب وما تلاها.
كان أول المتحركين في هذا الاتجاه هو روبرتو روسيليني، حين قدم فيلمه "روما مدينة مفتوحة"، ليصبح المؤسس للواقعية الإيطالية، ويمثل فيلمه وأسلوبه القواعد والأسس التي تحدد منهج المدرسة الجديدة.
اقرأ أيضاً هل حذفت شبكة نتفلكس أفلام جوني ديب؟
أفلام روبرتو روسيليني
روما مدينة مفتوحة
ويذكر أن "روما مدينة مفتوحة" كان من إنتاجه الخاص، وقد باع في سبيل تنفيذه كل ما يملك حتى ملابسة الشخصية، وشارك في الإنتاج كل العاملين الذين شاركوا دون مقابل، ولكن الأزمة الحقيقية كانت في إتاحة الفيلم الخام الذي كان نادرًا وقتها بسبب الحرب، ما دعاه لاستخدام بقايا الأفلام وليس علبًا كاملة في بعض الأحيان، ولجأ لمجموعة من الممثلين الهواة أصبح بعضهم نجومًا في ما بعد، مثل "أنا منياني"، ورغم ذلك فقد تكلف الفيلم وقتها ما يفوق 8 ملايين ليرة إيطالية، وتدور أحداث الفيلم حول مطاردة الشرطة النازية لأحد قيادات المقاومة الشعبية، والقبض عليه وتعذيبه حتى الموت.
بيزا
وبعد نجاح الفيلم فنيًّا وما أحدثه من ضجة، قرر روسيليني أن يخوض تجربته الثانية، فقدم عام 1946 فيلمه الثاني "بيزا"، ويعد أضخم تسجيل فني لأهوال الحرب في إيطاليا، ما جعل فيلمه الأول يبدو قصيدة شعر إلى جوار الفيلم الجديد، والفيلم هو مجموعة لقاءات مع أشخاص يقصون تجربتهم مع الحرب.
ألمانيا سنة الصفر
ثم جاء فيلمه الثالث "ألمانيا سنة الصفر"، وشارك في كتابته روسيليني مع سيرجو أميدي وفريدريكو فيليني، وعرض عام 1948، وتدور الأحداث في ألمانيا حول الواقع الألماني بعد انهيار النازية وسقوطها، بواسطة طفل صغير يعاني ويلات انهيار بلاده، وبذلك الفيلم اكتملت ثلاثية روسيليني عن الحرب العالمية.
الحب
لينتقل روسيليني إلى مرحلة جديدة ويبدأ في تطوير أسلوبه بداية من فيلم "الحب"، وهو يتكون من قصتين، الأولى كتبها "كوكتو" والثانية "فيليني"، ومثل في القصة الثانية أمام نجمته التي اكتشفها "أنا منياني".
ثم انفصل عن فيليني، وفي تطور في التوجه السياسي قدم مجموعة من الأفلام التي تحمل توجهًا اشتراكيًّا وتدعو إليه، بدأت بفيلم "الكاميرا تقتل الخاطئين"، قدم خلالها مجموعة من العلاقات المختلفة بين المجتمع والسلطة في إطار الواقعية الجديدة، ما سبب له بعض المشكلات مع السلطة، فقرر السفر، وانتقل للعمل مع الكاتب والمخرج السويدي "أنجمار برجمان" لمدة 3 سنوات، سافر بعدها للهند ليقدم فيلمه التسجيلي العام "الهند" عام 1958، وكان أول أفلامه الملونة.
جنرال ديللا روفيري
ثم عاد إلى أوروبا ليقدم فيلمه المهم "جنرال ديللا روفيري" عام 1959، عن رواية للأديب الإيطالي "أندرو مونتانيلي"، ليستعيد مكانته محليًّا وعالميًّا، ويحصد جوائز مهرجان فينيسيا الدولي، وتدور أحداث الفيلم عن المدن التي عانت ويلات الحرب بين الأبطال والخونة، وبهذا عاد مجددًا لأفلام الحرب، واستمر في فيلمه التالي "كان ليلًا في روما" 1960، وتدور أحداثه عن الاحتلال النازي لإيطاليا، وتدور أحداث الفيلم عام 1943، وتتناول التحولات التي تفرضها ظروف الحرب علي الأشخاص العاديين، وانطلق للخلف أكثر ليقدم فيلم "تحيا إيطاليا" في العام نفسه، وهو فيلم تاريخي تدور أحداثه في منتصف القرن التاسع عشر، حول أحد الأبطال الشعبيين في إيطاليا "جاريبالدي".
وقد حرص روسيليني على إخفاء الظلال الأسطورية الموجودة في القصة الشعبية، وحوَّل "جاريبالدي" إلى إنسان واقعي، انطلق بعدها ليقدم عمله التاريخي التالي ""فانيتا فانيني"، الذي تناول قصة جماعة "الكاربوناري" المناضلة من أجل وحدة إيطاليا في القرن الثامن عشر.
اقرأ أيضاً فيلم "Sonic the Hedgehog 2" من أشهر افلام كرتون 2022.. شاهد الآن
نهاية حياته السينمائية
وفي عام 1963 أنهى حياته السينمائية بفيلمه الكوميدي الوحيد "الروح السوداء"، وبجزء من فيلم رباعي شارك في إخراجه مع "جان لوك جودار" و"بازوليني" و"جريجوريتي"، واستمر بعد ذلك دون أي مشاركة سينمائية في مجال الإخراج مدة 15 عامًا حتى وفاته في عام 1977 عن عمر ناهز 71 عامًا، وسط تعجب كثيرين من توقفه عن العمل، لكن أغلب الظن أن روسيليني كان قد وجد في تلامذته وزملائه العوض، فقد قدم للسينما الإيطالية كلًّا من "دي سيكا" و"أنطونيوني" و"فليني" و"بازوليني"، كما قدم في مجال التمثيل أهم نجوم السينما الإيطالية يتقدمهم "أنا منياني" و"مرشيلوا ماستورياني". ليؤكد أنه بحق صانع السينما الحديثة الإيطالية، وصاحب المدرسة الواقعية في السينما.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.