في العام 1986م، وفي صباح يوم مشمس على أرض سراييفو التقى جاسم آل دهشان الكويتي ذلك الشاب الثلاثيني ذو الفتوة العربية والفحولة والعنفوان بسارة تلك الحسناء البوسنية، التي تختال كمهر عربي أصيل يطلب فارساً أو قل جاسمًا.
عيونها بزرقة السماء وثمة خصلة ذهبية خرجت من تحت حجابها لتعلن شروق شمس الهوى في قلب جاسم، ولما كان جاسم يعشق الصيد منذ نعومة أظفاره، فقد كمن لها واحتال بالفخاخ فصادها زوجاً ودوداً ولوداً فولدت له بدرًا.
ولما حان موعد رجوع جاسم إلى بلده الكويت احتمل زوجه وولده إلى هناك وما أدراك ما هناك؟
فقد تفاجأت سارة بجو لم تعهد حرارته، وصحراء قاحلة، وقد كان يهون ذلك كله لو كان جاسم لها وحدها، فقد وجدت لجاسم زوجة وأولاداً أكبرهم عمره 14 عاماً، في حين كان بدر عمره لا يجاوز العام، غير أنها قبلت قبول المضطر العيش مع جاسم.
إلا أن الزوجة الأولى كانت قد وضعت نصب عينيها هدفاً، وهو الضغط على سارة حتى تحمل رحلها فارّة بنفسها وولدها فرار الغزال من اللبؤة، وهو ما كان بعد حين من الزمان.
فقد رأى جاسم والأمر لا يستقيم والمشكلات الأسرية تكاد تطيح بسفينة الأسرة أن يتخفف من بعض الأحمال، وبعض الراكبين، فاستهم في رأسه قرعة، وكان السهم قد وقع على سارة، فأتاها مساء ذلك اليوم قائلاً وهو يلبس ثوب الضأن من اللين والقلب قلب ذئب لئيم: "هل لك في زيارة أهلك بعض الوقت؟ فإني أرى أن اختلاف الجو والبيئة غير مزاجك، فلو ذهبت للتنزه والراحة ثم عدت وقد ذهبت عنك همومك، ولا عليك سأتكفل بحفظ بدر حتى تعودين."
حينها انفطر قلب الأم التي رأت ببصيرة الأم ما ينتظرها من التفريق بينها وبين رضيعها بدر، فأرخت الأوتار مع جاسم، ولما كان الصباح عاجلته بذهابها إلى سفارة بلدها شاكية.
وبعد أخذ ورد حكمت المحكمة حضورياً على السيد جاسم بتوفير السكن اللائق لطليقته سارة وولدها بدر، وتوفير نفقة شهرية للمرضع وولدها، فاستأجر لها شقة وبدأ في إرسال النفقة إليها.
وبعد بضعة أشهر وعام رأى سارة جار لها يدعى فهد، كان صاحب بقالة كويتي الجنسية عمره جاوز الأربعين ببضعة أعوام، نال من قلبه ما لسارة من حسن القوام وأناقة الهندام وسحر العيون، ففتن بها، وطلب القرب معلنًا الغرام، فقالت قولة الرزان المصون هات يا هذا ذاك المأذون فتمت الزيجة وكان الوئام.
فلما علم جاسم لم يصبر على غضبه الناقم ولا كان عفواً ولا كاظمًا بل قال: "قالت حاسم حازم صارم جازم، يا سارة طالما صار لك زوجًا فبدر ما هو ولدي"، ومرت الأعوام تلو الأعوام وفهد يعشق سارة غير أنه بخيل أناني يدخر المال للسفرات والنزهات لنفسه دون الأسرة.
وفي صبيحة أحد الأيام وبينا سارة في مطبخها تطهو الطعام، إذ أصابها الدوار، فهوت طريحة على الأرض وكان بدر قد بلغ الخامس من الأعوام، فهرول إلى بقالة العم فهد فناداه ليلحق بأمه التي وقعت، ولا حراك فيها.
إلى اللقاء مع الحلقة الثانية..
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.