نبدأ من حيث انتهينا في الجزء السابق..
...
ظلَّ تحتمس يتنعم في مملكته مع الزوجات والجواري، لا يعكِّر صفوه أي مخاوف، خصوصًا بعد ما عقد معاهدات سلام مع جميع الممالك التي يُخشى تمردها وانقضاضها على ملكه.
ظلَّت المملكة المصرية مزدهرة مُهابة الجانب، تدار على أكمل وجه من قبل الملك تحتمس ورجاله المخلصين له. فنجد نب آمون قائد الشرطة يحافظ على الأمن في المملكة، ويقضي على المتمردين الذين يظهرون من حين لآخر على الحدود يثيرون القلاقل، ويتابع بنفسه تجنيد الشباب للخدمة في الجيش، ويقود السفينة المقدسة للملك في رحلاته، فصاحبه في إحدى الحملات الحربية للقضاء على جماعة من السود في بلاد كوش في الجنوب، وعاد منها منتصرًا وقد أسر جميع المتمردين ووضعهم في معسكر بالقرب من قصره تحت حراسة الجنود تمهيدًا لمحاكمتهم.
تدرج نب آمون في الوظائف المختلفة حتى عُين حامل علم السفينة الملكية مري آمون قائد البحرية المصرية. كان نب آمون قائدًا مخلصًا للملك والمملكة، اختاره الملك لأمانته وحبه للوطن، وقد ظلَّ بجانبه حتى توفي الملك تحتمس، وخلفه ابنه أمنحتب، فاستمر في خدمة الابن على الرغم من كبر سنه، فكان بمنزلة مستشار الملك وحافظ أسراره.
تُوفي الملك تحتمس الرابع في ريعان شبابه، وترك ملكًا عظيمًا لابنه أمنحتب الثالث الذي تربى في القصر على يد سيدة من طبقات الشعب هي وصيفة أمه ملكة البلاد، التي كانت مشغولة دائمًا مع والده في إدارة شؤون البلاد، فقد كانت تشارك زوجها الملك تحتمس في اتخاذ القرارات، وتشير عليه بالرأي والنصح في كل كبيرة وصغيرة.
وكان هذا دأب الحكام في مصر القديمة، فالمرأة كانت تؤدي دورًا كبيرًا في الحياة العامة والخاصة للملك، وتلقب بسيدة الشعب، بل إن تأثيرها على العامة أكثر في بعض الحالات من تأثير الملك نفسه.
ورث أمنحتب الثالث حكمًا مستقرًّا، فقد كانت المملكة قد بسطت سيطرتها على حدودها، وأخضعت منافسيها بالقوة حينًا وبالوسائل الدبلوماسية حينًا آخر. وورث الملك أمنحتب الثالث أيضًا بعض مشكلات في الداخل، خصوصًا تلك المتعلقة بنفوذ الكهنة المتعاظم، كهنة آمون، الإله الرسمي للبلاد على وجه التحديد.
لكنه تعامل بحكمة في هذا الأمر، فقد كان يميل إلى السلام وعدم إشعال الفتن والقلاقل في البلاد، فكهنة المعابد لهم سلطان عظيم ونفوذ عن طريق خدمة الآلهة، واحتكار رعايتها والتواصل معها، وأداء دور الوسيط بين الناس والآلهة المختلفة آنذاك.
كانت تخصص لهم الأراضي وريعها، هذا غير مخصصات مالية كبيرة من خزانة المملكة، فكانوا يتدخلون في شؤون الحكم ويخوفون الملك بغضب الآلهة. حتى ضاق بهم الملك تحتمس الرابع ذرعًا وبدأ في العمل على الحد من نفوذهم الذي يزداد يومًا بعد يوم، فعزل كبيرهم، وعين مكانه رجلًا من بلاط قصره، وبدأ يقلص نفوذ هؤلاء الكهنة شيئًا فشيئًا، ما ملأ صدور الكهنة بالحقد والحنق، فراحوا يحاولون تشويه صورة الملك أمام أفراد الشعب، ويدَّعون أنه أغضب الآلهة، وأنه يعصي الآلهة ولا يوقرهم.
في هذه الأثناء...
تربى الابن أمنحتب الثالث، يرتع ويلعب في القصر مع ابنة وصيفة أمه، كانت فتاة جميلة تُدعى تي، يقضي كل الوقت معها ولا يفارقها، لكنه سرعان ما تغيرت حياته تمامًا بعد اعتلاء العرش.
👏👏👏👏
🌹🌹🌹
👏👏👏👏👏👏
🌹🌹🌹🌹🌹
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.