خوله كامل عبدالله الكردي أبريل 2, 2023, 11:20 ص

رواية "دجى"..ج32

أمينة بالرغم من صغرها تتذكر وهي تحمل دجى وتهدهدها حتى تنام، وخطواتها الأولى وهي تتعثر في المشي خطوة خطوة، القدم الأيمن ثم القدم الأيسر وهكذا علمتها أمينة حتى مشت..

تحملها على ظهرها وتركض بها في باحة البيت وهي تكركر من الضحك، ويسبقهما رأفت بدراجته ذات الثلاث عجلات.

يمضي اليوم وأمينة ورأفت يلاعبان دجى ويمرحان معها، فإذا خرجت أمهما لحاجة ضرورية يقومان بتسليتها بلعبة التخفي خلف الستارة أو الرقص أمامها، تصفق بيديها الصغيرتين وتهز جذعها للأمام مشاركة أمينة ورأفت في جولة الرقص.

عندما يأوي رأفت إلى الفراش تحبو حتى تصل إليه، تلعب في شعره وترفع يدها وتضربه على وجهه بصوت عال قائلة: "دي...ديييبيييي" حتى يصحو من نومه متكدرًا متوعدًا دجى بالقول: "اذهبي بعيدًا عني لا أريد النوم بجانبك! تصمت وتخفض رأسها تعقد حاجبيها وتحمر عينيها وتبدأ نوبة بكاء طويلة!

ينادي أمه كي تنقذه من الورطة التي وقع بها! أما إذا كانت أم رأفت مشغولة يظل يقفز ويتشقلب أمامها حتى تسكت وتبدأ بالضحك واللعب، ساعتها تتمادى دجى أكثر وتلقي بجسدها على بطن رأفت، فيصرخ وجعًا ثم يبكي مستنجدًا:

- يا أمي.. يا أمي تعال.. آه.. آخ.. ابعديها عني!

تحضر أمه وتحول بينه وبين دجى وضرباتها المتتالية ثم تلتقطها قائلة:

- تعال يا صغيرتي.. هيا رأفت يريد أن ينام.. غدًا سيذهب إلى المدرسة.

لا تسلم أمينة هي الأخرى من مضايقات دجى! ففي بعض الأحيان تذهب لإحضار شيء من غرفتها تغافلها وتبدأ بتمزيق كراساتها والشخبطة عليها والعبث بكتبها والوقوف على حقيبتها! فما يكون من أمينة سوى أن تفغر فمها مصدومة بما ترى، تأخذ القلم من يدي دجى وتحملها إلى أمها شاكية غاضبة بنبرة منفعلة:

-خذيها يا أمي لقد مزقت كراستي! ماذا سأفعل الآن ستعاقبني المعلمة!

تنظر إلى دجى بنظرات معاتبة وبنبرة مؤنبة:

- أرأيت ماذا فعلت؟! أنت طفلة مشاكسة.

كثيرًا ما كانت تحملها أمينة وتدللها وهي مبتهجة تلعب بيديها ويعلو صوتها بعبارات غير مفهومة! بالنسبة لأبو رأفت فقد كان يبتهج عندما يراها ويداعبها حتى تنام وفي أحيانٍ أخرى يجلسها على ركبته ويلبسها صدريتها ويبدأ بإطعامها. سعادته لا توصف وهو يراها تتصرف بكل براءة ولطف فقلبه مولع بها، يرمقها بعينيه وهي نائمة في سريرها، ويقف متأملاً وجهها:

- ما أجملك يا ملاكي.. يا ليتك تعلمين كم أحبك يا حلوتي!

تحدق نسيبته أم سارة به وتهمس له بالقول:

- أتركها تنام لا أريد أن تصحو وتزعج إخوتها.

استكشف المزيد حول رواية روايات حرب فتاة

بقلم خوله كامل عبدالله الكردي

حاصلة على الماجستير في الإدارة التربوية ، خبرة في كتابة المقالات والقصص والروايات.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.