لطالما قالت أمها: "دجى تشبهني في أشياء كثيرة، أولها: إصرارها على ما تريد، ثانيهما: عاطفتها الجياشة" وكانت تلقبها "بالفراشة" لأنها تشبه الفراشة في تنقلها من مكان لآخر بكل خفة ورقة.
عندما كانت تكيل أم رأفت المديح لدجى، تقف أمينة بوجهها الممتلئ وقوامها الشبيه بثمرة الكمثرى، ترفع حاجبيها وتعض على شفتيها، تدرك أم رأفت ساعتها أن أمينة بدأت تلتهب لديها مشاعر الغيرة، فبالرغم من غيرة أمينة من دجى فهي تحبها بشكل كبير! يعلق أبو رأفت قائلاً: عندما يحدث جدال بين أمينة ودجى، "أمينة هي حبة العين منك يا دجى"، تصمت دجى عن نقاش أمينة ولا تصبر على خصامها فتبدأ الحديث معها بالقول:
- أريد أن أُعِدَّ كوباً من الشاي هل توديني مشاركتي؟
ترد أمينة بزهو فقد ابتدأت دجى الحديث أولاً وربما هي المخطئة بتصورها:
- لا بأس كوب شاي يدفئ الجسم في هذا الجو البارد... فكرة جيِّدة.
تجلسان تحتسيان الشاي، وتستهل دجى حديثها بإلقاء النكت والقصص الملح والطرائف وقهقهت أمينة تتردد في أرجاء المنزل، فأمينة تحب المزاح والحكايات الفكاهية، أما دجى فهي أقرب إلى الجدية والهدوء تهوى التاريخ والشعر، فمن النادر أن تتشاجرا، وفي معظم الأيام تكونان كالسمن والعسل.
أبو رأفت هو من اختار اسم أمينة فهي اسم على مسمى كما يقول، اختار أن يسميها أمينة تيمنًا بأمه التي تعلق بها أيما تعلق، يقول: "أمينة تشبه جدتها إلى حد كبير، وجهها ممتلئ وحمرة وجنتيها كأن أمي تقف أمامي! وميلها للضحك وحب النكات أشبه ما تكون بجدتها".
دجى تحمل ذكريات خاصة لها مع أمينة، ففي أول يوم دخلت دجى المدرسة، اصطحبتها أمينة وأمسكت بيدها، وأدخلتها إلى فصلها، لا تنسى دجى أنها بكت كثيرًا في ذلك اليوم، فاحتضنتها أمينة ومسحت دموعها، وأعطتها قصة صغيرة مصورة وهي "بياض الثلج" فرحت دجى كثيراً بها.
وظلَّت طوال يومها الأول في المدرسة تتصفح القصة وتتأمل الصور، إلى الآن تحتفظ دجى بالقصة في صندوق خشبي صغير، فهي تمثل لها عربون محبة من أختها الكبرى.
دجى تطرق قليلاً وتفكر أنها ربما أثقلت على أمينة ورأفت وجلبت لهما الهم والقلق، تغلق باب غرفتها وتضع رأسها على الحائط، ينتابها الحزن واللوم على فعلتها، فقد أنهكتهما بأوهامها المتكررة ولكن ليس إلى هذه الدرجة، ترفع دجى رأسها فإذا هي ذات الفتاة الغريبة تفتح خزانتها وتبحث عن شيء ما في خزانة دجى، حدجتها دجى بعينيها متسائلةً باندهاش:
- إذا هذا أنت مرة أخرى؟!
تهز رأسها بلا مبالاة قائلة:
- نعم هذا أنا..
- اقرأ أيضاً رواية دجى الجزء الأول
- اقرأ أيضاً رواية "دجى"..ج16
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.