فلك سبتمبر 2, 2023, 1:51 م

رواية "الكنعاني" ج1.. روايات عربية

الكنعاني...

أي سخرية تلك، لم أكن أتخيل يومًا أن أكون كجسد يرقد بين دفتيْ شطيرة وأنا المشطور بالمنتصف.

من رحمة الله أن سقف البيت كان خوصًا وجصًّا فأبقى سقوطه فوق رأسي بعض روح.

تسلَّل المطر من خلال الألواح، وسقط كدموع تجمدت في مقلتين، ثم سقطت في النهاية فوق رأسي.

يسائلنى غلام يبدو من زيه أنه ليس أعرابيًّا مثلي، ماذا أتى بك إلى هنا؟

لم أُحسن الإجابة.. بدني متقرح، ولساني جفَّ، وروحي غاض ماؤها، وأنت بعقل فارغ تسألني؟!

لسان حالي يعجز عن الوصف، هل ألقيت نفسي مثلًا أم أن ثقل الوزن جعل الأرض تمور تحتي؟!

انتشلني بحذر، نفضت التراب عن عيني وجبهتى.

- من أنت؟

- رواء بن يزيد الكنعاني... قبل أن يتعجب أخرجت من جعبتي دراهم ذهبية. مكتوبًا عليها: (السلطان الملك العادل زين الدنيا والدين) هذا وما زال حاجباه عالقيْن بالمنتصف.

- بادرني بالمساعدة.. توكأ يا شيخ على يدي.

- سلمت يا بني لكن أريد أن أطلب منك معروفًا. لقد أتيت من الشام وظللت عالقًا هنا لبضعة أيام حتى سقط هذا السقف فوق رأسي، هلَّا دللتني على قصر الخليفة؟

نظر إليَّ الفتى في ذهول!

- تقصد خليفة الذي يسكن بأول الطريق.

- خليفة المسلمين يا بني. لديَّ رسالة من طرف الأمير العادل وأريد تسليمها.

- يا مثبت العقل ثبتني.

أمسك يدي وبعينيه فضول جارف لمعرفة أصل الدراهم. وبرقت عيناه، ثم وقعت على الرسالة التي أحملها بيدي ومكتوب عليها: (روى الغيث من يحمل هذه الرسالة).

- يا بني دُلَّني على قصره وكل ما في هذه الصرة لك.

- حاضر حاضر يا شيخنا.

تبعته حتى تفصد جبيني عرقًا وتهدَّلت أجفاني..

- تعبت يا بني.

- تمالك نفسك يا شيخ... لقد اقتربنا.

غشينا ظلام كليلٍ لا قمر فيه. فتحت عينيَّ على بارقة ضوء فإذا أنا في مكان مجهول لا زرع فيه ولا ماء، ونظرت فإذا الفتى قد اختفى بلمح البصر.

مضيت إلى أعلى التلة لأرى المكان من بعيد، فإذا هي مقابر وديار قوم ساكنين! لا سامحك الله أيها الفتى، فالرسالة معي لا تحتمل التأجيل. يجب أن تتوحد الأمة قبل أن يأتي العدو.

صعدت وناديت: يا قوم.. فلم يسمعني أحد.

فنمت على حجارة هناك وأسندت رأسي حتى مشارف الصباح.

يتبع..

بقلم فلك

نحن من تحملنا الكلمات وتضيق بنا الدنيا. وتقبض عنا عمداً أياد فيحمل الله قلوبنا على أجنحة الملائكة .

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة