رواية "الأيام بيننا" ج211

أمام طاولة الطعام تجلس أم ماجد، وعلى جانبها الأيمن يجلس ماجد ثم وليد ثم سامر، وفي الجهة المقابلة تجلس نادية وديمة ثم دانة.

تبدو دانة مستعجلة على الطعام، تأكل بنهم وتبتلع حبة فلافل دفعة واحدة، وتغمس إصبعها بصحن الفول تارة وصحن الحمص تارة أخرى، تصوب أم ماجد نظرها عليها مستنكرة:

يا ديمة يا جدتي... كلي على مهلك ولا تستعجلي، لن يطير الأكل عزيزتي..

يقطب حاجبيه ويتأفف، تنظر إليه نادية وتحدق به، وتعض على شفتيها، كي لا تلاحظ أم ماجد..

نادية:

نعم يا ديمة على مهلك يا بنيتي، وأنصتي لكلام جدتك.

تبرر:

حتى لا تتعب معدتها وهي تأكل.

يتمتم في سره، يقوم من على مائدة الطعام ويغادر بضيق..

نادية في المطبخ تغسل الأطباق، وقدر الطعام على النار، أم ماجد أمام طاولة تحضير الطعام، تقطع الدجاج، تتجاذبان أطراف الحديث، في غرفة الجلوس خلود تهاتف زميلتها، بجوارها تجلس دانة تستمع إلى حديثها، تشعر خلود بضيق وتشير إليها بحاجبيها أن تغادر، تنظر دانة إليها بعدم اكتراث. بعد عشر دقائق تنهي خلود مكالمتها وقد بان على وجهها الامتعاض:

لماذا تجلسين هنا يا دانة؟! لا يجب عليك أن تتنصتي على محادثات الآخرين.

تجيب بعناد:

أنت لست غريبة، وأنا ابنة أخيك لا ضير إذا سمعت ما تقولين.

تستهجن:

اسمعي يا دانة، توجد أسرار بين الأصدقاء لا ينبغي لغيرهم معرفتها.

تداعب خصلة شعرها بأطراف أصابعها بعدم اقتناع.

تقوم خلود وتغادر الغرفة، وأمارات الانزعاج تسيطر على محياها. تدلف إلى غرفة النوم، تجلس أمام مكتبها، وسعاد تصلي، تومئ خلود برأسها تفكر، بعد خمس دقائق تنهي سعاد صلاتها ثم ترفع كفيها بالدعاء، تتناول خلود مجلة ثقافية وتتصفحها بتوتر، تقوم سعاد وتطوي سجادة الصلاة وتضعها على المنضدة، تلحظ ضيق خلود متسائلة:

ما بالك يا خلود؟! لم أنت متضايقة؟!

تتذمر:

ماذا أقول لك يا سعاد؟ دانة جلست بجانبي وأنا أهاتف زميلتي.

تستنكر:

ولمَ فعلت ذلك؟! الظاهر أن لم يربها ماجد على احترام خصوصية الآخرين.

تشتكي:

أرأيتِ... أليس هذا فعل يقهر؟! آه... لا أريد أن أفتعل مشكلة فيغضب ماجد ويلومني.

تتهكم:

آه طبعًا ماجد لن تهن عليه ابنته، وسيوبخك ويلقي باللوم عليك.

توافقها:

معروف... ماجد لا يطيق أن ينتقد أحد عياله وزوجته، هؤلاء خط أحمر لديه...

صدقت: يقلب الدنيا على رؤوسنا من أجل عيون خلفته.

في غرفة نومها ممسكة السبحة بين أصابعها، تسبِّح... تسمع قرعًا على الباب:

ادخل.

تدلف ديمة ودانة وتجلسان على السرير مقابل أم ماجد، تنظر ديمة إلى أم ماجد مبتسمة:

كيف حالك جدتي؟

تهز رأسها بارتياح:

بخير يا ديمة..

تمرر حبات السبحة بين أصابعها لثوانٍ تسألها:

هي... كيف أنتما في المدرسة؟

ترد ديمة:

الحمد لله كلنا ناجحون.

تنصحهما:

ما شاء الله... انتبها يا جدتي وادرسا جيدًا، حتى تدخلا الجامعة.

ترد بحماس:

نحن ندرس ونجتهد، ولكن يا جدتي هناك فتيات لا يدرسن!

تنبههما:

ما لكما وما لهن... عليكما بأنفسكما... ركِّزا على دروسكما حتى تحصلا على درجات عالية.

تخفض صوتها:

جدتي... تلك الفتيات يتصرفن تصرفات سيئة؟

تتعجب:

وما تلك التصرفات؟!

تجيبها دانة:

لا يدرسن ويكتبن رسائل للأولاد.

تفغر فاهها:

ما هذا الكلام يا جدتي؟! احذرن منهن وابتعدا عنهن.

ترد بثقة:

لا تقلقي جدتي، أنا وديمة لا نتحدث معهن، والمعلمات على الدوام يعاقبنهن.

تتبادل ديمة ودانة النظرات وأم ماجد تهز رأسها أسفًا.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة