عليّ في مكتبه يسرح في تفكيره، يريح جسده على الكرسي، ويشبك أصابعه خلف رأسه، ويغمض عينيه ويبتسم.
وفاء تبكي في غرفة الممرضات، تلحظها أماني:
- ما بالك يا وفاء؟ أراكِ تبكين هل حدث معك شيء؟!
ترد بصوت متحشرج:
- لا أعرف، أخطأت في قياس ضغط مريضة غرفة ٤، وبخني الطبيب عمر!
ترفع حاجبيها وتهز رأسها بتفهم:
- هذا سبب بكائك؟! آخ اسأليني أنا كم كان يوبخني الأطباء! انسي يا وفاء، وألقيه وراء ظهركِ، يجب علينا أن نتحمل مصاعب العمل، حتى يفرجها الله علينا، ويأتينا الزوج الصالح الذي يعززنا ويدللنا.
تنصت لها وتلوذ بالصمت.
أم عبداللطيف في المطبخ، تقف أمام موقد المطبخ واضعة دلة القهوة على عين الموقد، يدلف عبداللطيف عاقد الحاجبين وجهه محمر، تنظر إليه بطرف عينها:
- أراك متضايقًا، ما الذي حصل معك؟! هل تشارعت معها؟!
- كالعادة ماذا أفعل؟ تركت أهلها وتصب جام غضبها عليَّ!
تلوي شفتيها بامتعاض:
- اتركها ولا تعيرها اهتمامك، أعدّها كالكرسي في البيت! ألا يكفي أنها أنجبت بنتًا بدلًا من الصبي!
يتذمر:
- يا أمي هذه عطية الله لا نعترض عليها!
- والنعم بالله، انظر لزوجة ابن عمك أنجبت أربعة أولاد ثم جاءت البنت!
يتنهد بعمق:
- لا يهم، يوم.. يومان.. وترضى من نفسها.
تشير بيدها:
- تعال واجلس ودعك منها! ارتشف فنجان قهوة يعدل مزاجك ويهدئ أعصابك.
يزيح الكرسي ويجلس مقابلها، تصب القهوة وتمد الفنجان تجاهه، ترتشف قليلًا:
- إمم قهوة أبو مصطفى لا يُعلى عليها.
- صدقتك، خاصة الهيل والزعفران لا تقولي، مذاق ولا في الأحلام!
- اشرب قهوة أبو مصطفى، وانسَ همومك ونكد الست سوسو.
يشرق ثم يسعل، تربت على ظهره:
- حضرت سيرتها وحضر النكد.
يزول السعال مجيبًا باستنكار:
- أمي سعاد زوجتي وأم ابنتي لا تتهكمي عليها!
تحدجه بنظرة حادة.
في المقهى الشعبي يجلس عليّ ويوسف يحتسيان كوبًا من الشاي، ينظر عليّ ليوسف.. يستغرب:
- ما بالك يا عليّ لماذا تنظر إليَّ هكذا؟! هل تريد قول شيء!
يرتبك:
- لا أعرف ماذا أقول لك!
يبتسم بتندر:
- عليّ لا يعرف ما يقول؟! هل هذا معقول؟!
يقطب حاجبيه:
- أرجوك يا يوسف لا تتهكم عليَّ!
- أنا لا أتهكم، لكن صدقًا قل لي ما بك؟!
يتكلم بجدية:
- اسمع يا يوسف أنا معجب بأختك وأريد خطبتها!
يضحك بصوت عالٍ:
- ماذا تقول! أنت تخطب أختي أنا! ههههه.
- ولمَ لا هل قلت نكتة؟! أتزوجها على سنة الله ورسوله.
- عليه الصلاة والسلام، يطرق لثوان ويمسح بعضًا من الدموع استقرت على عينيه.. مستطردًا:
-لم تقل نكتة... لكن هل تعتقد أن والدي سيوافق، بخاصة عليك أنت!
- وما بالي أنا! أعمل وعندي راتب، أنت تقنعه ألست صديقي ؟!
- أنت صديقي ولك معزة عندي لا أنكر ذلك، لكنك لا تعرف أبي يسيطر عليه حب المال والجاه! أنصحك أن تنسى موضوع خطبتها، وتزوج من فتاة أهلها بسطاء لا يتكبرون عليك.
يوخزه بنظرات حادة يشي بعدم اقتناعه.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.