أبو ماجد شارد بذهنه يفكر فيما جرى بينه وبين أبي سعد نهار اليوم، متمتمًا في نفسه: "يا ترى لماذا أبو سعد كان مهذبًا معي إلى هذه الدرجة؟! هل ينوي على شيء؟! أم أن الله هداه وراجع نفسه وعرف خطأه؟! الله أعلم!
أم ماجد في غرفة الضيوف ترفع صينية القهوة عن الطاولة بعد أن كانت أم عبد المحسن في زيارتها، الضيق باد على وجهها، يرن جرس الهاتف فجأة، تضع الصينية وتجلس ترفع السماعة مجيبة:
- ألو.
على الجانب الآخر أم قيس:
- السلام عليكم كيف حالك يا أختي.
ترد بنبرة باهتة:
- بخير والحمد لله أهلًا بك أختي أم قيس.
- ها كيف حالك وحال أبو ماجد والعيال؟
- الحمد لله يا أم قيس الجميع بخير ويسلمون عليكم.
- كيف ماجد؟ هل وجدتم العروس أم إلى الآن تبحثون له عن عروس؟
- صراحة لم أبحث له عن عروس حتى الساعة، تعلمين أختي أن العروس تريد مهرًا ولوازم العرس وغير ذلك، وهو لم يوفر شيئًا من ذلك... وهو لا يرحمني يصر عليَّ أن أبحث له عن عروس، ليل نهار يسألني ويشد عليَّ! ماذا أفعل يا أم قيس؟
- ولمَ لا يا أختي! فتشي له عن العروس التي يريد... أقول لك أنا عندي عروس تناسب إمكاناته والمواصفات التي يريد.
تنفرج أساريرها:
- يا ليت يا أختي... أنت خطبت لقيس وأدرى ما تطلبه العرائس، والوضع المادي لماجد ضعيف ويجب أن تعرف هي وأهلها كل شيء عنه.
- تمام يا أختي لا عليك، اتركي الأمر علي ولا تقلقي.
- بارك الله فيك وأراح بالك.
ماجد في مكتبه يسند رأسه إلى الكرسي يفكر، يدق الباب يجيب:
- تفضل.
يدخل أبو غانم يستدير ماجد ويقف منتصبًا:
- أهلًا.. أهلًا أبا غانم كيف حالك يا عم تفضل...
- زادك الله من فضله...
- لا تؤاخذني يا عم أبو غانم لم أنتبه لك.
يريح جسده على الكرسي ويتكئ بساقه على فخد رجله الأخرى مجيبًا ببشاشة:
- لا عليك أنت مثل ولدي...
يعاود الجلوس خلف مكتبه يبادره بالقول:
ها هل أنت مرتاح هنا يا ماجد؟!
- الحمد لله يا عم أبو غانم كل شيء تمام، وأحسن من عملي السابق مليون مرة.
يهز رأسه:
- الحمد لله...
- آسف يا عم نسيت هل أطلب لك شيئًا.
- يا ليت كوب شاي.
- على رأسي يا عم...
يرفع سماعة الهاتف:
- عم أبو محمد أريد كوبين من الشاي بالنعناع لو سمحت.
يسود الصمت ثم يبتسم مستطردًا بحرج:
- أريد أن أقول لك شيئًا يا ماجد بخصوص أخيك عليّ.
تزداد نبضات قلبه ويشعر أن حرارته بدأت بالارتفاع:
- إن شاء الله خير ما باله عليّ؟!
- لو تقل له أن يلتزم بعمله ولا يتغيب كثيرًا.
- هل يتغيب كثيرًا؟!
- نعم في معظم الأحيان... وأنت تعلم أنني لا أريد التحدث مع والدك في هذا الموضوع مخافة أن ينشب خلاف بينهما بسببي!
يدق الباب:
- أدخل.
يدلف أبو محمد وبيده صينية بها كوبان شاي وكوب ماء، يضع كوب شاي أمام أبي غانم وكوب الماء والكوب الآخر على المكتب أمام ماجد، ثم يغلق الباب ويغادر.
- كما قلت لك يا ماجد أرجو أن تفهمه ضرورة الالتزام بعمله حتى لا نضطر إلى فصله، وهذا ما لا أريده!
- لا يهمك يا عم سأتحدث معه وأفهمه.
يزيح كوب الشاي قدامه يرفعه ويرتشف رشفتين مجيبًا بارتياح:
- نعم بارك الله فيك.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.