أم ماجد في غرفة النوم تقلب ألبوم الصور، تصادفها صورة سعاد وهي صغيرة لم تتجاوز الخامسة من عمرها، بشعرها الكستنائي معقود على هيئة ذيل حصان، بشريطة حمراء يظهر وجهها البيضاوي بشوشًا، بابتسامة هادئة ارتسمت على شفتيها وبشرتها البيضاء، وبريق يشع من عينيها العسلية اللوزية.
تنزل الدمعة على خديها وتنتابها حالة بكاء تتصاعد أنفاسها وتشهق وتحتضن الصورة وتبكي بحرقة، يقرع الباب فجأة، تمسح دموعها بكفها وتخبئ الصورة تحت المخدة، مجيبة بصوت خفيض:
- ادخل.
تدلف خلود وتغلق الباب، وتجلس قدامها:
- أمي الإفطار أصبح جاهزًا.
تمعن النظر في الألبوم متسائلة:
- أمي ما بالك هل كنت تبكين؟!
- لا يا خلود فقط تذكرت أشياء مضت.
- مؤكد لأجل سعاد! لا تبكي يا أمي أرجوك..
تعانقها وتجهش في البكاء متمتمة بحزن:
- أختك يا خلود بحاجة إليَّ، تعاني متاعب الحمل وأنا بعيدة عنها، آخ يا ابنتي أين أنت؟! حرقوا قلبي وأخذوك مني... حسبي الله ونعم الوكيل.
تذرف الدموع وتقبل رأسها:
- لا تبكي يا أمي لا تبكي يا حبيبتي... سيفرجها الله.
- يا رب أنت أعلم بالنار التي أشعر بها في صدري... ارحمنا يا الله.
- كفى أمي... كفي.
- آه يا سعاد... آه يا ابنتي..
ماجد يضع المخدة على رأسه يصرخ على عادل:
- اخفض صوت هذه اللعبة السخيفة؟! رأسي يؤلمني..
يتأفف:
- أف ها قد اخفضتها... يغمغم في سره: "أيني من البارحة عندما كنت تلعب معي وتتحداني.."
يقاطعهما:
- الظاهر يا عدول أن أخانا ماجد يعيش أحلام الحب والرومانسية!
يستغبي:
- برأيك يا أخي العزيز هل الحب يفعل كل ذلك؟!
ينظر بطرف عينه إلى ماجد ورأسه غائصًا تحت المخدة:
- آخ اسألني أنا عن الحب وعذابه!
يرفع المخدة معقبًا:
- اخرس يا متخلف!
يشير بسبابته إلى صدره:
- أنا متخلف؟ إذن أنت ماذا؟! آه نسيت يا متحضر يا راقي!؟
- تتهكم عليَّ يا تابع يوسف... خذ..
يرمي المخدة فتصيب رأس عادل ويخسر جولة اللعب ويصرخ غيظًا... يضحك ماجد وعليّ.
عبد اللطيف ممدد على السرير يتظاهر بالنوم، تعود سعاد من العمل، تنظر إليه بتذمر تجلس أمام التسريحة تتنهد بضيق وتضع كفيها على وجهها.
في غرفة نوم البنات تجلس وفاء على الكرسي
وقد بدا على وجهها الحزن والكدر، تتساقط الدموع من عينيها وتبكي بأسى محاولة قمع نشيج صوت بكائها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.