يدخل عبد اللطيف وسعاد على السرير تحدق بشاشة التلفاز وأمل بجانبها، تنهض وتصوب نظرها عليه وتشير إلى سعاد بطرف خفي، تغادر ويجلس بجانبها ويبتسم ابتسامة باهتة:
- ها يا سعاد ماذا تريدين أكثر من ذلك؟! ها هي أمل جاءت إليك تطيب خاطرك.
ترد بفتور:
- ولماذا أتعبتم أنفسكم؟! لا داعي للاعتذار نسيت كل شيء.
- أعرف أن قلبك طَيِّبٌ لا يحمل ضغينة لأحد، وبخاصة أمي فهي تحبك كما وأنك ابنتها.
- هذا واضح جدًا... وأنا أقول في نفسي لماذا تحبني كل هذا الحب!
- أرأيت يا عزيزتي، ها أنت شهدت بذلك.
تجيب بجدية:
- عبداللطيف أنا متعبة وأود أن أرتاح قبل مناوبتي الليلية.
- لن أذهب قبل أن أتأكد أنك راضية وغير زعلانة.
- يا سيدي أنا راضية ولست زعلانة.
- إذن ابتسمي لأعرف أنك رضيت.
تهز رأسها بعدم حيلة:
- لا حول ولا قوة إلا بالله.
- هيا ابتسمي، من أجل حبيبك زوجك عبداللطيف.
تغتصب ابتسامة صفراء:
- ها.. هل يعجبك هذا!
- هكذا أنا ارتحت.
- إذن أرجوك أطفئ الأنوار وأغلق الباب أريد أن أغفو قليلًا.
- من عيوني يا أجمل سعاد في الدنيا كلها.
تضع الغطاء على وجهها ويطفئ الأنوار قائلًا ببشاشة:
- نومًا هنيئًا يا سوسة قلبي...
تكتسي ملامحها القرف وتلوي شفتيها تهكمًا:
- لا تنسَ أيقظني على السابعة مساءً حتى أجهز نفسي... تغمغم في نفسها: "ما أسمجك قال سوسة قلبي... قال!"
- حاضر يا نور عيني!
يدلف خارجًا ويغلق الباب، تتمتم في سرها: "عائلة معتوهة مغلولة لا تحبون سوى مصلحتكم، جئتم بي لأكون خادمة عندكم وعند ولدكم البائس عديم المسؤولية! يا رب عجل لي الخلاص منهم".
في بيت أبو ماجد، عادل في غرفته ممددًا على السرير يفكر في سره: "ياه لو أشتغل وأترك الدراسة، لم أعد أشعر بالحماس تجاهها البتة، أريد أن أعمل مثل ماجد وعليّ، سئمت المدرسة والكتب والامتحانات وكل شيء!
في الميناء وفي مكتبه أبو ماجد، يرفع السماعة يهاتف أبو سعد:
- نعم يا أبا سعد متى ستحضر شحنة الحديد؟!
- لن تتأخر خلال يومين على أقصى تقدير.
- أرجو ألا نجد معوقات كما المرات السابقة!
شعر أنه يشير إلى الصفقات الماضية وما شابهها من خلاف بينهما، يزدرد ريقه بامتعاض:
- لا تقلق كل شيء سيكون على ما يرام هذه المرة!
تنتهي المكالمة، ويضع أبو ماجد سماعة الهاتف مهمهمًا بصوتٍ خافت: لعل وعسى كلامك صحيح يا أبا سعد، تجربتي معك تقل لي عكس ذلك تمامًا! يصعب عليَّ فهم شخصيتك! أحيانًا تظهر الأمانة والإخلاص، وأحيانًا أخرى تزدري كل عمل صالح!
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.