سعاد في غرفتها على السرير تتكئ بكوعها على الوسادة وتسرح، يدقُّ الباب، تُعدِّل من جلستها وتسند ظهرها على الوسادة مجيبةً:
- ادخل
تدخل أمل وترتسم ابتسامة هادئة على محياها:
- كيف حالك يا سعاد؟!
- الحمد لله أنا بخير يا أمل... تفضَّلي.
- ها يا سعاد أراكِ متضايقة! هل أنت زعلانة بسبب ما حدث بالأمس؟
تتنهد بكدر:
- لا نسيت كل شيء.
- يا سعاد أنا مثل أختك وأمي هي أمك، لا تأخذي على خاطرك نحن أهل.
تهز رأسها بنبرة مشوبة بعدم يقين:
- نعم، صدقتِ نحن أهل!
تنظر إلى أمل بلوم، وتسمر عيناها على النافذة بعدم اكتراث.
الساعة السابعة صباحًا، أبو ماجد يجلس أمام طاولة الطعام وأم ماجد تجلس على يمينه يتناولان الإفطار، ترتشف قليلًا من الشاي وتنظر إليه قائلة:
- لقد سمعت خبرًا عن سعاد!
يسكن لحظات ثم يشرع بدهن قطعة توست بالزبدة والعسل مجيبًا:
- ما هو؟!
تحدق به وتقرب كوب الشاي من شفتيها:
- سعاد حامل!
تتحرك مقلتاه باضطراب داخل حجرهما، ثم يأكل لقمة من التوست ويرتشف قليلًا من الشاي بالحليب:
- حسنًا، مبارك عليها وعلى أهل زوجها!
تنزل كوب الشاي وتعبث به بلا نية في شربه، بينما يتنحنح يدفع الكرسي للخلف ويصعد إلى غرفته!
ما زالت أمل تنظر إلى سعاد محاولة تطييب خاطرها، وسعاد تشيح بوجهها عنها وتنظر إلى النافذة تارة وإلى التلفاز تارة أخرى، تتحاشى النظر إليها، تشرد أمل بتفكيرها محدثة نفسها: "آه منك يا امرأة أخي، لست هينة، صدقتِ يا أمي مغرورة لا أعرف على ماذا!"
في سيارته في أثناء توجهه إلى العمل، تضيء الإشارة الحمراء، يقف ويسرح هنيهة مخاطبًا نفسه: "ياه سعاد أنت حامل وغدًا ستصبحين أمًّا، وستشعرين بما شعرنا به وقتما خاصمتنا وانحزتِ للأغراب ضد أهلك!
في غرفة الجلوس، يجلس ماجد مع أمه يشاهدان التلفاز، يبادرها بامتعاض:
- يا أمي متى ستبحثين لي عن عروس؟ لقد مللت وأنا انتظر! إلى متى قولي لي؟
- إن شاء الله... لكن أنت تعلم أن بنت الناس التي نريد خطبتها تريد مهرًا، وأنت إلى الآن لم توفر شيئًا منه!
ينفخ وجديه بحنق:
- لا إله إلا الله... لا إله إلا الله.. يا رب ماذا أفعل...
يصمت لثوان معقبًا بضيق:
- أنتم الظاهر لا تريدون أن أتزوج!
تحدق به باستغراب:
- هل يوجد أهل لا يحبون أن يفرحوا بولدهم! أذكر الله ولا تنغص علينا يومنا بكلامك الساذج...
يعاتب:
- أنا ساذج يا أمي... حسنًا شكرًا لك.
تتأفف:
- أف منك من ولد! عندما توفر المهر ساعتها يفرجها الله...
تنهض وتغادر الغرفة، يرفع حاجبيه بقهر ويضرب الجدار بقبضته.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.