في المشفى فترة الاستراحة تجلس وفاء تحدث نفسها : "لا أعرف هل أخبر أمي أن سعاد حامل أم لا! وإن أخبرتها! ماذا ستفعل؟! لا أعتقد أنها ستهتم بأي شيء يتعلق بها، سأخبرها والذي يحدث يحدث!
الساعة تدقُّ الواحدة ظهرًا، في المطبخ تجلس أم ماجد أمام طاولة تحضير الطعام تقطع الخضار لتجهيز السلطة، تدخل وفاء فجأة وتجلس مقابلها تنظر إليها بارتباك:
-ماذا ستعدين لنا يا أحلى أم في الدنيا؟
- قولي مساء الخير أولًا!
- حقك عليَّ مساء الخير يا غالية.
تنظر إليها بريبة:
- مساء الخير... ها أراكِ مستيقظة لم تنامي هل اكتفيت من الساعتين اللتين نمت فيهما؟!
- المناوبة الليلية هذه المرة لم نسجل فيها أي دخول لمريضات جدد، ولم أتعب والحمد لله لأحتاج إلى النوم.
تهز رأسها:
- الحمد لله.
يسود الصمت فجأة، تنظر إليها نظرات خاطفة والتوتر يسيطر على وفاء، تقف وتضع القدر على موقد الطبخ، تعود إلى تقطيع الخضار، تبادرها بالقول:
- ما الذي يشغل تفكيرك يا وفاء؟! أشعر أن كلامًا في فمك.
- بصراحة نعم يا أمي... وبما أنك سألتني سأقول لك وأجري على الله.
تتوقف وتتسارع دقات قلبها:
- اللهم اجعله خيرًا، هيا قولي.
- أمي، أخبرتني أماني صديقتي أن سعاد حامل.
تضمُّ شفتيها وترقب ردة فعلها، تدفع الكرسي إلى الخلف تنهض وتمسك بالمغرفة وتشرع برفع الزفرة عن قطع الدجاج معقبة:
- وماذا في ذلك! تزوجت كي تخلف العيال وتكوِّن أسرة!
تنهدت وفاء بارتياح ربتت، على كتفها وطبعت على رأسها قبلة مجيبة:
- حسنًا يا أمي، سأذهب عليَّ ترتيب خزانتي لقد عمت فيها الفوضى.
- لا بأس اذهبي يا ابنتي.
تنسحب خارج المطبخ تتساقط الدموع من عيني أم ماجد مهمهمة بحزن: "ويلي عليك يا ابنتي، الأمهات كلهن بجانب بناتهن في هذه اللحظة، إلا أنا بعيدة عنك، تعانين متاعب الحمل ولا أحد بحدك يواسيكِ، حرموني منك! حسبي الله ونعم الوكيل".
في المدرسة، عادل يجلس مع زميله لؤي في الفصل وقت الفرصة:
- أفكر يا لؤي أن أترك المدرسة وأعمل مع أخوي ماجد وعليّ.
يستنكر:
- ماذا دهاك يا عادل؟! تترك المدرسة! هل هذا كلام؟! أكمل دراستك هي مستقبلك وأحسن لك من العمل في عمرك هذا وأنت صغير!
يرد بحيرة:
- أنا مشوش يا لؤي، لم أعد أحتمل الدراسة، رسوبي مستمر وفي كل مرة والدي يغض الطرف عني... لا أعرف ماذا أفعل!
- اصبر واجتهد وستنجح وتدخل الجامعة بإذن الله.
يسحب نفسًا عميقًا إلى رئتيه:
- سأفكر... مع أني لا أجد منفذًا إلا العمل وترك المدرسة.
- استهدِ بالله وفكر مليًا ولا تفوت عليك فرصة إكمال دراستك.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.