في مؤسسة الموانئ والسفن يدلف المراسل عمر إلى مكتب المدير أبي مشعل، يلمح أبا سعد يتحدث بصوت خافت مع المدير، يضع فنجاني القهوة وكوبين من الماء أمامهما، يغلق الباب بهدوء ويخرج، يتسمَّر في ممر الشركة ويمسك بصينية القهوة، يمر حمد ويشير له، يهمس في أذنه وعيناه تترقب الرائح والغادي، يهز حمد رأسه ويصوب نظراته إلى مكتب المدير.
بعد دقائق معدودة يتجه نحو مكتب أبو ماجد يدق الباب، وأبو ماجد منهمك في مراجعة الملفات وقراءة عقود الشركات وأوراق العطاءات والمناقصات، يجيب:
- نعم، تفضل.
يدخل حمد وقد بدا عليه القلق:
- السلام عليكم، كيف حالك أبا ماجد؟
يتأمل مناقصة شركة الملابس الوطنية:
- وعليكم السلام.
يسود الصمت فجأة، يرفع عينيه من خلف النظارة متسائلاً:
- ما بالك يا أبا حسين، هل هناك شيء؟!
يبتلع ريقه مخفضاً صوته:
- لقد سمعت خبراً هاماً من أبي محمود.
يعقد حاجبيه ويخلع النظارة:
- وما هو؟ لقد أفزعت قلبي!
- تفرس أبو محمود في كلام المدير فهد وأبي سعد كأنهما يريدان تدبير طريقة للتخلص منك!
يزدرد ريقه بصعوبة:
- ماذا تقول؟! هل أنت متأكد من هذا الكلام؟
يرد بثقة:
- المراسل عمر في صفنا وأعرفه شخصاً صادقاً لا يكذب، اللهم له بعض الهفوات خوفاً على لقمة عيشه، وأنا أعذره في ذلك.
يومئ برأسه بحنق:
- هكذا يا أبا سعد أنت ومديرك تريدان التخلص مني! طبعك يا أبا سعد لا تغيره أبداً، أين مصلحتك تلهث وراءها كالمحموم، حسناً يدبركما الله وحده هو القادر عليكما.
تجلس سعاد أمام التسريحة تسرح شعرها، عبداللطيف غافٍ على السرير، سارة تتململ في مهدها، تعقد شعرها وتضع المشط ثم تتناول الكريم وتدهن كفيها، بغتة تصيح سارة، تستدير إليها وتحملها وتهدهدها:
- ما بالك يا صغيرتي.. ها؟ ما الذي يضايقك؟ تعالي إلى حضنك أمك يا حلوتي.
يصحو ويتذمر:
- أفٍّ لهذا البيت؛ لا أحد يستطيع النوم بهدوء!
تجيب بنبرة حادة:
- ومن قال لك ألا تنام؟! نم يا سيدي واسترح.
تمشي في الغرفة وتضعها على كتفها:
- أش أش.. اهدئي يا حبيبتي، تحدق به:
-والدك لا يطيق أحداً.
يقطب حاجبيه بامتعاض:
- ألا تسمعين صوتها؟! كيف أنام وأنت تنظرين إليها ولا تفعلين شيئاً.
تزفر زفرة طويلة:
- لا حول ولا قوة إلا بالله، ها أنت تراني أحاول أن أسكِتَها وماذا أفعل أكثر من ذلك؟!
- اخرجي من الغرفة وتمشِّي في الصالة.
تتهكم:
- ما شاء الله! ما هذا الاقتراح؟! لا ينقصني سوى أن تفتح أمك لسانها عليَّ.
يضع الغطاء على رأسه متأففاً:
- أووه.
تضع سارة في المهد وتهزها:
- سبحان الله كأنها ابنتي لوحدي!
يفتح الباب وهو مزمجر ويغادر.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.