في المدرسة يجلس عليّ ويوسف كل على مقعده في الصف الأخير، الوقت استراحة يوسف ينظر لعليّ يمسك بالقلم ويخاطبه بالقول:
- أتعرف يا عليّ لقد أخبرني والدي أنه يريد مني أن أستعدَّ لمساعدته في إدارة شركته.
- هل هذا صحيح؟! كم أنت محظوظ يا ليت لدي أب مثل أبيك.
- يا عليّ ليس الآباء كلهم مثل بعضهم! والدي لا أراه إلا ما ندر! فهو دائم السفر والغياب عن البيت.
- لا يهم يا صديقي! المهم أنه يوفر لك العيشة الرغدة والمال الوفير.
- لا عليك من هذا الكلام، كم أتمنى أن يجلس معي ولو ساعة واحدة أتحدث معه وأشكو له همي.
- يا يوسف دعك من العواطف، المهم أن والدك يعطيك مالاً كثيراً ولا يقصر معك بشيء أبداً.
ينصت إليه باهتمام:
- صدقني يا عليّ كم تمنيتُ أن يسأل عني وعن دراستي، وكم تمنيتُ أن يحتضنني أو حتى ينهرني لأشعر أنه مهتم بي.
- يا يوسف أنت تبالغ ما فائدة كل هذا وأنت محروم من أشياء تحبها بسبب المال.
- المال ليس كل شيء يا عليّ، حب الأب لأبنائه أفضل عندي ألف مرة من الأموال والسيارات والشركات! المال لا يشتري الحب، يذهب لكن المشاعر والأحاسيس الصادقة تبقى ولا تتغير.
- يا عيني يا عيني أنت فيلسوف إذن وأنا لا أدري.
- ياه يا علي دعك عنك المزاح الثقيل.
- أنا أتكلم بكل جدية، احمد الله على النعمة التي تعيش فيها، هناك أشخاص مثل صاحبك (يشير إلى نفسه) محرومون من النعم التي تتقلب فيها.
قال بجدية:
- غداً ستعرف يا عليّ قيمة المشاعر والمحبة! ويا خوفي تعرفها بعد فوات الأوان.
يرمقه بنظرات متوجسة.
في البيت وفي غرفة البنات تجلس سعاد على السرير وتتحدث مع نفسها: "لقد حصلت على الوظيفة التي طالما تمنيتها وحلمت بها منذ كنت صغيرة! لكن هل سيكون لي نصيب وأصبح عروسة؟!
معظم زميلاتي في الدراسة بعضهن خطبن وأخريات تزوجن وأنجبن أطفالاً، أما أنا فما زلت أحلم أن ألبس الفستان الأبيض ويصبح لي بيتاً وزوجاً وأطفالاً! هل سيتحقق حلمي يا رب؟! أم سأبقى هكذا أكد وأتعب حتى يسرقني الوقت ويمضي بي العمر ولا أتزوج! ياه كم أتمنى أن يأتي ابن الحلال ويخطبني كسائر البنات.
- اقرأ أيضاً رواية الأيام بيننا الجزء الأول
- اقرأ أيضاً رواية "الأيام بيننا"ج36.. روايات اجتماعية
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.