رواية الأيام بيننا الجزء 234

وفاء تقف في ردهة المشفى ويقف أمامها أحد المراجعين تتجادل معه، تشير بيدها له بالخروج:

أرجوك سيدي اخرج من هنا، لا داعى أن أجلب لك أمن المشفى.

يرد بحدة:

تكلمي معي بأدب... هل أنتِ تعاملين أهلك بهذا الأسلوب؟!

تعقد حاجبيها وترد بحسم:

لا شأن لك بأهلي... اخرج لو سمحت...

يتهكم:

نعم فهمنا... يا حضرة الممرضة!

على الكرسي المتحرك أم ماجد تتأوه، بجانبها خلود تمسك بصحن الطعام تحاول إطعامها، تقرب الملعقة من فمها:

هيا يا أمي كلي... أرجوك، جسمك نحل حبيبتي، هيا كلي.

تصيح وتشيح بوجهها عن الطعام:

لا... لا... لا أريد... ابعدي هذا عني... لا أريد... آه... آه...

تتوسل:

يا أمي يا حبيبتي كلي، أنتِ لم تأكلي منذ الصباح... هيا يا حبيبتي.

تشيح بوجهها:

لا...لا... آه... آه...

تضع الصحن على الطاولة داعية:

يا رب ماذا أفعل؟! اشفِ أمي يا رب...اشفها.

الساعة الحادية عشرة صباحًا، صياح فريال يتعالى في المنزل، أمين متسمرًا أمام غرفته، سلوى وجمانة تقفان بجانبها، متوعدة إياه ترفع حقيبتها على كتفها:

إذا لم يربك والدك، سأعرف أنا كيف أربيك!

تهتف لسلوى:

هاتِ جوالي، أنا بنت ناس، أهلي سيأخذون حقي.

ترد بحماس:

حاضر يا أمي فورًا.

تواسيها:

لا تحزني يا أمي... أمين هكذا لسانه طويل ولا يحترم أحدًا.

تدلف سلوى:

هاك يا أمي اتصلي بأبي حتى يربيه.

تضرب الرقم باستعجال:

ألو... ألو... آه علي... تعال... تعال وانظر ما يفعله ولدك بي... لن أبقى في هذا البيت دقيقة واحدة بعد الآن.

يُطرق الباب طرقات قوية، تفتح جمانة الباب، تدلف وفاء متسائلة باستغراب:

ماذا حدث يا فريال؟! لمَ كل هذا الصراخ؟!

تجلس على المقعد وترفع نبرة صوتها، سلوى وجمانة تقفان بجانبها، وأمين يقف بجانب وفاء وقد بدا عليه الارتباك، تضع يديها على خاصرتيها بانفعال:

تسأليني! اسألي ابن أخيك، لا يحترمني ويعاندني في كل شيء، إن لم تصدقيني اسألي البنات وسيخبرونك ما تفوَّه به لسانه!

ترد سلوى:

نعم يا عمتي... لسانه طويل ولا يحترم أمي.

توافقها جمانة:

نعم لا يحترم أمي فريال... وهي تعمل كل ما يطلبه منها.

تعقد حاجبيها بامتعاض:

أنتما اسكتا ولا تزيدا الطين بلة!

تحدق بوفاء استهجانًا:

طبعاً... لن تكوني في صفي... دائمًا هو على الحق... أليس كذلك يا آنسة وفاء؟!

تهدئها:

اهدئي يا أم حسام، ولا تحمِّلي الأمر أكثر مما يحتمل.

تلمحها بنظرة حادة مهددة:

لن أهدأ حتى يجد لي علي حلًّا مع هذا المتمرد طويل اللسان.

ينظر إلى وفاء وتلتقي أعينهما، تهمس له:

اعتذر لها يا أمين، لا نريد أن تكبر المسألة، وتذهب إلى أهلها.

يقترب منها بانكسار وقد بدا على وجهه الذبول:

آسف يا أمي لم أقصد.

تحدجه مجيبة بفظاظة:

آسف، ها؟ أين أبيع هذه الكلمة؟! هذا الاعتذار ليس عندي، سأذهب لأهلي وهم سيأخذون حقي من عينيك! وستعرف ساعتها قدرك جيدًا!

تحمل حسام وتفتح الباب وتغادر، تبدأ سلوى وجمانة بالبكاء.

يرتفع صوت أم ماجد، يتناهى إلى سمع فريال وهي تهم بالخروج معلقة: "ها... هذا آخر دلالك له يا عمتي".

في المطبخ تتسارع نبضات قلب خلود وصرخات أمها تزداد، تشعر بالتوتر: "اصبري يا أمي... أنا قادمة... لن أتأخر عليك" تصب الحليب على عجل وينسكب على الصينية: "يا إلهي انسكب الحليب!".

تتوجع بشدة:

آه... آه... أين أنا؟! تعالوا أنقذوني... أين أنا؟! آه... آه.

ترتجف يداها: "يا الله ماذا أفعل؟!". 

تسمع صفق الباب، تدلف وفاء بسرعة وعليها أمارات الارتباك والهلع، تحدق بها باستغراب:

ما بالك يا وفاء؟ لم تلهثين؟! ماذا حدث؟!

تتنفس بقوة وتزدرد ريقها مشيرة بيدها:

تعاليْ بسرعة، فريال خرجت من البيت وتتوعد أمين!

تصاب بالذهول:

ماذا تقولين؟! ماذا فعل أمين كي تخرج مغاضبة؟

ترد بقلق:

لم يفعل شيئًا، الأمر بسيط، مجرد أنه ابتاع قميصًا جديدًا! الظاهر أنها تنوي افتعال مشكلة كبيرة، لتجد حجة لطرد أمين من البيت!

تستفسر بحيرة:

ماذا ستفعل برأيك؟!

أعتقد أنها تخطط لشيء ما، ونحن لسنا ببعيدين عن ذلك!

تندهش:

ماذا تقولين؟! يا رب استر ومرر هذا اليوم على خير.

يتبادر إلى ذهنها أمها:

أوه لقد نسيت أمي.

تدلف إلى الغرفة مهرولة، وفاء من خلفها وقد وقع في نفسها أن أمها قد أصابها مكروه، تلمحانها مستغرقة في النوم.

تضع يدها على صدرها وتفتح الباب على مصراعيه:

أوه يا الله... الحمد لك يا رب.

تشعر أن رجليها لا تحملانها، ترمي بجسدها على المقعد:

يا حبيبتي غلبك النعاس... أطلت عليك... يا رب سامحني... نامت أمي بلا إفطار.

تهز وفاء رأسها بحزن:

يا مسكينة يا أمي، لا تدرين ما ستفعله فريال بأمين.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي