تقف أمامه تحدق به متوعدة، يطأطئ رأسه خوفًا، تخاطبه باستعلاء:
"اسمع، إياك أن تتخابث معي، من على شاكلتك أعرفهم جيدًا، وأعرف كيف أتصرف معهم!"
يرد بنبرة واهنة:
"لم أفعل شيئًا!"
ترفع صوتها وتحدجه بنظرة حادة:
"أنت تعرف ما فعلت بالأمس، هل تراني بلهاء لا أعرف بمكرك وعدائك لي!"
يبرر:
"باسم هو من ضربني أولًا."
تهينه:
"اخرس... أهلي أشرف منك ومن أمثالك يا حثالة."
يكفهر وجهه ويقطب حاجبيه بأسى.
يحتد النقاش بينهما، فتقول بحزم:
"لن أدفع قرشًا واحدًا زيادة على مصروف البيت، لدي مصاريف كثيرة."
ترفع كتفيها استهجانًا:
"أي مصاريف آنسة وفاء؟! كلنا في هذا البيت يجب أن نكون يدًا واحدة، لا مكان للأنانية بيننا."
ترد بنبرة منفعلة:
"أي أنانية؟! كل هذه السنوات أنفقت فيها على هذه الدار وتقولين أنانية! انظري إلى نفسك، أعطيتِ الغريب وتركتِ أهلك لأجله!"
تكتف يديها باعتراض:
"لن أرد عليكِ... تريدين أن تلجميني حتى لا أفتح معك الموضوع مرة أخرى... قولي ما شئتِ، لا يهمني."
يبدو عليها خمايل الغيظ الشديد: "تشتكيني لجدتك وعماتك يا أمين... حسنًا، أنا من سيربيك من جديد، ولن تبقى في هذا البيت بعد الآن!"
تهاتف هناء وقد ظهرت عليها ملامح الانزعاج والحنق:
"أرأيتِ يا هناء، لا أدري لماذا فريال تبغض أمين وتعامله معاملة جافة، وتفرق بينه وبين أختيه! تصوري حرَّضته عليَّ وكادت تطرده من البيت لولا تدخل أمي وسعاد ووفاء..."
تستغرب:
"لماذا تفعل كل ذلك؟ ألا تخشى الله، لديها ابن، ربما يُسلط الله عليه من يظلمه."
تتهكم:
"سبحان الله، كانت في بيت والدها مذلولة لزوجة الأخ، وتتمنى أن تتزوج كي تخلص نفسها من سطوة زوجة أخيها! والآن، بعد أن أعطاها الله الزوج والولد، بدلًا من أن تحمده، تظلم هذا الولد الذي حرم من أمه المريضة."
توافقها:
"نعم، سبحان الله بطبع العباد... ماذا أقول لك يا خلود؟! لا أعرف ماذا أقول سوى: اللهم أصلح الحال."
يرن منبه الجوال، الساعة الرابعة عصرًا. أمام طاولة الطعام يجلس علي، وعلى يمينه تجلس فريال، وعلى الجهة اليسرى يجلس أمين ثم سلوى وجمانة. تنظر لعلي:
"سلوى وجمانة بحاجة إلى ملابس جديدة وتوابعها، ما رأيك أن نذهب اليوم بعد صلاة العشاء للسوق لشراء ما يلزمهما."
يهز رأسه بالإيجاب:
"لا بأس."
يمد يده ويرفع كوب المخيض ويشربه دفعة واحدة.
يضع الكوب مستطردًا:
"وأمين نسيته..."
تزم شفتيها ممتعضة:
"أمين لديه ما يكفيه من الثياب، المهم سلوى وجمانة."
يختلس نظرات خاطفة إلى سلوى وقد بدت مبتسمة مزهوة بحديث فريال.
يمسح فمه بالمنديل ثم يدفع الكرسي للخلف:
"الحمد لله."
يدلف إلى غرفته، فتسحب نفسًا عميقًا وتحدق بأمين بنظرات تحدٍ وغرور.
في غرفتها تهاتف سارة:
"ماذا كان بيدي فعله تجاه والدك الطماع وبيت جدك الظلمة."
تلومها:
"لا يهمني هذا الكلام، أنا أصبحت إنسانة مستقلة، ليس لكِ ولا حتى لوالدي أي فضل أو منة علي."
تؤنبها:
"لماذا تعاندينني بهذه الطريقة؟! ألستُ أمكِ ولي حق عليكِ."
تحسم:
"أعرف أنكِ أمي، وأنكِ تركتِني مذ كنت طفلة لم أتجاوز الثالثة من عمري، حرمت من حنانك وصرت أبحث عن من يعطف ويشفق علي، حتى جاءت زوجة أبي هنادي وعاملتني أحسن معاملة، ما كنتِ لتقدميها لي لو عشتُ معكِ! ابتعدي عني، يكفي شعور الخذلان الذي يقهرني بسببكِ!"
تعاتبها بنبرة مشوبة بالسخرية:
"هل هذه تربية والدك؟! نعم التربية!"
تجيبها بعدم اكتراث:
"لم يعد لدي أدنى اهتمام بأحد، أرجوكِ اتركيني وشأني ولا تهاتفيني مرة أخرى."
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.