رواية الأيام بيننا الجزء 230

صوت القرآن يصدح في الحي، الساعة الحادية عشرة صباحًا، صوان أمام بيت أبي خالد، تسأل أمين:

"أمين، هل حدث شيء عند جارنا أبي خالد؟!"

يهز رأسه:

"نعم، عمتي، لقد توفي أبو خالد فجر اليوم."

تضرب كفًا بكف مسترجعة:

"إنا لله وإنا إليه راجعون... هل أنت على يقين؟"

يرد بالإيجاب:

"طبعًا على يقين يا عمتي، لأنني خرجت لشراء حاجات طلبتها أمي مني من بقالة أبي منصور، وسمعت الجيران يعزون ابنه خالد، وأنا أعرف ابنه أيهم، فهو معي في المدرسة وذات الفصل. أخبرني البارحة أن جده منذ يومين في المشفى ومتعب جدًّا."

تتنهد ببطء:

"رحمة الله عليك يا أبا خالد."

في البلدة الجنوبية، نادية وماجد في غرفة الجلوس، تنظر إليه باستغراب:

"ما هذا يا ماجد... لماذا أهلك هكذا؟! إلى الآن مضى على طلبنا النقود منذ شهرين ولم يرسلوا لنا قرشًا واحدًا!"

يرد بنبرة ذابلة:

"لا أدري يا أم وليد... لكن دعينا نصبر قليلًا، لعل هناك أمرًا ما يشغلهم!"

تعقد حاجبيها بانفعال:

"أي أمر هذا؟! يجعل الأم تماطل في مساعدة ابنها المسكين! الأم الحنون يا ماجد تغيث ابنها ولا تتأخر عنه مطلقًا، أم أن وسوسة أخواتك في أذن أمك عملت عملها!"

يتأفف:

"أوووه يا نادية، صلِّ على النبي، فلنصبر يومين، ما يضيرنا؟ إذا لم يرسلوا المال، ساعتها لكل حادث حديث، وسأعاود الاتصال بهم من جديد."

يكفهر وجهها مجيبة بضيق:

"على رأيك... نصبر ونرى..."

يدلف أبو باسم وزوجته وابنهما باسم إلى غرفة الضيوف. يتحدث أبو باسم مع علي، وأم باسم وفريال في المطبخ تتبادلان الحديث مع بعضهما، ثم تحضران إلى غرفة الجلوس وبيد فريال صينية الشاي، تضيفها إلى أبي باسم:

"تفضل يا أخي."

تغزو وجهه ابتسامة خفيفة:

"سلمت يداك يا أم حسام."

وتقدم الشاي لعلي، ثم تجلس بجانب أم باسم وتسترسلان في الأحاديث، تتعالى أصواتهم بالمزاح والضحك وهم يشاهدون مسلسلًا فكاهيًّا على التلفاز. يجلس أمين متربعًا على الأرض وبجواره باسم، ومقابله تجلس سلوى وجمانة وآلاء يلهون بألعابهن. على حين غرة، يدفع باسم أمين ويشده من شعره. يغضب أمين ويضربه على وجهه، فيصرخ باسم ويبكي بحرقة، تنظر إليه أمه بضيق:

"ما بالك يا باسم، لم تبكِ؟!"

يعلو صوت بكائه مشيرًا إلى أمين:

"ضربني أمين... آه... آه."

تصر على أسنانها وتحدق بأمين بنظرات متوعدة:

"لا تبكِ يا حبيبي، يمزح معك أمين."

يسترضيه:

"تعال يا باسم يا عم، خذ حبة الشوكولاتة هذه... أنت شجاع، لا تبكِ."

يتناول حبة الشوكولاتة مجيبًا بنبرة ممزوجة بزعل:

"شكرًا يا عم..."

في غرفتها، تضع كفها على خدها، ساهمة تفكر بقلق:

"لا أدري إلى متى سيظل ماجد يطلب منا مساعدته! مرت سنوات ولم يتغير شيء، وضعه كما هو... كل شهر يتصل يطلب مالًا، من أين آتي له بالمال؟! أنا بحاجة إلى المال حتى أصرف على علاجي! متى سيعتمد على نفسه ويكف عن تحميلنا همومه؟! رحمة الله عليك يا أبا ماجد، ثقل الحمل على ظهري بعد رحيلك... يا رب، افرجها علينا يا رب."

في غرفته، تقف سلوى ممسكة بيد جمانة، وأمين يجلس على سريره يفرك كفيه بوجل، والارتباك أخذ مأخذه منه، تلومه:

"تستحق ما حدث لك! لماذا لم تسمع كلام أمي فريال؟! ها قد جلبت لنا مشكلة مع ابن خالنا!"

يجيبها بسخرية:

"ابن خالنا؟ صدقتك! كذبة وصدقتها، يا لك من ساذجة... اصمتي، أفضل لك... لا يهمك سوى نفسك والهدايا التي تجلبها لك فريال."

تجيبه بتحد:

"اسمها أمي وليس فريال."

يستهزئ:

"يا لك من ساذجة... أنسيتِ عندما كانت تحرض والدي علينا وتهددنا بعقابه؟"

"لا، لم أنسَ... بصراحة، كنت أنا السبب لأنني لم أسمع كلامها."

ترتسم ابتسامة صفراء على وجهه:

"تستحقين ما تفعله بك إذن... هيا اغربي عن وجهي، لا أريد سماع كلامك."

"نصحتك، وأنت حر."

يتهكم:

"انصحي نفسك أولًا."

تدفع الباب وتخرج.

في غرفة الضيافة، تنفض الغبار عن الكنب، يساورها هاجس: "يا رب، قلبي غير مرتاح... أخشى أن ترجع المشكلات بين فريال وأمين... آه، كم أنا خائفة."

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي