رواية الأيام بيننا الجزء 222

في حديقة البيت، نادية تشتكي لماجد من خلود والموقف الذي حصل البارحة معها وتململها من عيالها، تظهر على ملامحها الزعل، يطبطب عليها مواسيًا، والحنق بادئ على وجهه...

تتنهنه من البكاء: أرأيت يا ماجد ماذا فعلت أختك خلود؟! قليلًا وتهجم على سامر وتوسعه ضربًا.

يعبس:

ماذا قلتِ؟ من غير قسم لو فعلتها، لكسرت أضلعها.

ترد بغيض:

لا أعرف ماذا فعلتُ لها؟! لماذا تكرهنا إلى هذا الحد؟!

يصر على أسنانه:

لا تعرفين؟! الغيرة ستأكل قلبها... هالها عندي أسرة ومتفاهم معك وعندي ذرية... وهي... اللهم لا شماتة..

يقرب شفتيه من جبينها ويطبع عليه قبلة، تخفض رأسها وتجفف دموعها.

تحتاج إلى من تفضفض معه، تدلف خارج الغرفة وتتجه صوب غرفة أمها، تطرق طرقات خفيفة، تلتفت خلود:

ادخل 

تسلم:

السلام عليكم 

ترد أم ماجد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

تجلس على المقعد وتلتقي عينيها بعيني أم ماجد، تسألها:

هل يوجد شيء؟! وجهك ممتقع!

تشبك يديها بانزعاج:

طبعًا يوجد أشياء وليس شيء واحد يقهرني وينغص عليَّ عيشي!

ترد بنبرة مستفهمة مشوبة بريبة:

سلامتك من القهر! قولي لي ما مشكلتكِ؟

تجيب بتذمر:

لا أدري يا أمي إلى متى سنظل نصرف على ماجد وعياله؟! يكفينا ما جاءنا منه ومن عياله!

تجيبها بامتعاض وبصوت مرتفع:

قولي لي أنت ماذا أفعل؟! ليس لديه المال الكافي لينفق على أسرته.

تعترض:

كيف هذا؟ وهو الآن يعمل ومؤكد استلم راتبه، فلننهِ هذا الموضوع ويتحمل مسؤولية عياله وحده، ما دخلنا به وبخلفته؟!

تصبرها:

اصبري يا ابنتي حتى يقف على قدميه ويتحسن راتبه!

تقطب حاجبيها:

ها... هذا الكلام لن نخلص منه! في كل مرة حجة جديدة لاستمرار الإنفاق عليه، الظاهر أننا سنبقى نصرف عليه حتى القبر! وكأنه طفل صغير نرعاه.

تحدق بها:

اصمتي يا وفاء، ألا ترين أمي الهم فوق رأسها كالجبال... لا ينقصها كلامكِ الجارح!

ترد بنبرة حزينة:

لا أحد يرحم... ليس بيدي حيلة يا رب، أولادي وبناتي لا يحسون بي.

تعلق بعصبية:

ما بالكِ يا أمي؟! أنا أقول كلمة الحق... حتى كلمة الحق لا تطيقونها! هو رجل عليه أن يعمل ويكد، لا أن يركن على أخواته البنات

تهز رأسها بأسى:

آه... آه يا رب ارحمني.

تتضايق خلود:

هذا هو نصيبنا والحمد لله رب العالمين... يكفي لومًا وتجريحًا يا وفاء، نحن جميعًا متعبون.

ترد بانفعال:

نعم معك حق... متعبون... هذا هو تبريركم على الدوام! اعلمي يا آنسة خلود أنني أنا وسعاد فقط المنهكتان المتعبتان.

تفز بغضب وتدفع الباب وتصفقه بحدة... تلحظها سعاد وتستغرب، تدلف إلى الشرفة وبيدها سلة الملابس، تتناول قميصًا وتفرده على حبل الغسيل وتثبته بالمشبك، تقع عيناها على ماجد ونادية يجلسان في فناء الحديقة، وكأن ماجد يسترضي نادية، ترفع حاجبيها بدهشة...

الساعة الواحدة والنصف ليلًا... يراودها ذات الحلم، ترى شخصًا يركض خلف أمين وسلوى وهما يصرخان محاولًا الإمساك بهما، تصحو مرعوبة وتصيح، يستيقظ أمين وسلوى خائفين، يهرول علي إلى غرفة النوم فزعًا ويحدق بمنى وهي تحتضن أمين وسلوى وتبكي، يخاطبها بنبرة منفعلة:

ما بالكِ لماذا تصرخين في الليل؟! ما الذي حدث؟!

ترتعد أوصالها:

يوجد شخص يلاحق أولادي يريد أن يقتلهما!

يشعر بالذهول:

ماذا تقولين؟! بربك يا منى ارحميني من أوهامك التي لا تنتهي...

تحضن أمين وسلوى ويعلو صوتها بالنشيج والعويل:

آه يا أولادي... آه يا رب احمِ لي أولادي...

يقطع صراخها صوت جمانة تبكي... يضرب كفًا بكف:

لا حول ولا قوة إلا بالله... لا أعرف ما الذي جرى لهذه المرأة؟!... يبدو أنها فقدت عقلها.

يجلس على طرف السرير وينفخ وجديه باستياء:

احملي الصغيرة... ارعبتها... لا إله إلا الله..

تنهض وترفع جمانة من مهدها، وتضمها إلى صدرها وتبكي بشدة، يضع كفيه على خده بحيرة.

في صباح اليوم التالي، في أثناء العمل وفي وقت الاستراحة يراوده شعور سيئ، يمسك الجوال ويتصل في البيت، على المنضدة وفي غرفة النوم، يرن جوالها وهي غارقة في النوم، وصوت التلفاز يغطي على رنات الجوال، سلوى وأمين مستلقيان على الكنبة الطويلة يشاهدان مسلسلًا للأطفال...

يتأفف ويغلق الجوال وتبدأ الوساوس والهواجس تهاجم رأسه...

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي
بقلم خوله كامل عبدالله الكردي