في أثناء حديث أم ماجد مع ديمة ودانة، يقتحم ماجد الغرفة فجأة، يحدق بديمة ودانة بنظرات غضب ويصيح في وجهيهما:
ما الذي تتحدثان به مع جدتكما؟! هيا قوما واذهبا إلى والدتكما.
تهدئه:
يا بني لِمَ أنت غضبان؟! كنت أتحدث معهما عن المدرسة ودراستهما! لا شيء سوى ذلك.
يجيب بنبرة حادة:
يا أمي لا أريد أن تسمع البنات منكِ هكذا حديث!
ترفع حاجبيها باندهاش وهي تمرر حبات السبحة بقلق:
يا بني ما لك؟! لا تؤول حديثي على هواك!
يصيح بهما:
هيا قوما وعاونا والدتكما في المطبخ.
ترد ديمة بخوف وتوجس:
حاضر يا والدي...
تجفل أم ماجد وتنظر إلى ماجد نظرات لوم وعتاب، يشيح نظره عنها ويخرج، تضع أم ماجد كفها على وجنتها، ساهمةً تفكر تحدث نفسها بضيق:
"إلى هذه الدرجة يا ماجد يا بني لا تطيق أن يتحدث أحد مع أولادك وينصحهم!
إلى هذه الدرجة هانت عليك أمك، تتهمني أنني أحدث ابنتيك بحديث يفسد أخلاقهما، لم تعُد تعرف أمك! وكيف ربيتك وربيت إخوانك وأخواتك... آه حسرة على تعب الأيام وسهر الليالي... سامحك الله يا ولدي".
تدخل خلود على حين غرة، تفتح دفة الخزانة وتتناول ثوب صلاتها، تدير وجهها وتلحظ شرود أمها، تجلس بجوارها متسائلة:
أمي... أمي.
تنتبه:
ها... هذا أنت يا خلود.
نعم يا أمي هذا أنا.
تسألها:
هل يوجد شيء يا حبيبتي؟!
تستفهم:
لا شيء سوى أنني دخلت الغرفة ولم تشعري بي! رأيتك سارحة... هل أنتِ مريضة أمي؟!
تطمئنها:
كلا يا خلود لستُ مريضة.
إذن ما بكِ أمي... تجلسين بمفردك تفكرين، هل أزعلكِ أحد؟!
تُجيب بأسى:
آه يا خلود ماذا أقول لكِ؟! أخوكِ ماجد يتصور أنني أعلم بناته سلوكيات خاطئة.
تهز رأسها:
نعم فهمت الآن لِمَ أنتِ متضايقة... لا تستغربي يا أمي هذا هو ماجد ابنك وأنت أدرى به، ليس غريبًا عليه أن يتصرف هكذا... زوجته وعياله فوق الجميع.
ترد بنبرة عتاب:
إلى هذه الدرجة يا ماجد يا ولدي..
تمسك يد أمها وتربت على كتفها...
شهر نيسان يتسلل بهدوء إلى المكان... في الطابق السفلي، منى غارقة في النوم وبجانبها سلوى، تصحو فجأة والهلع أخذ مأخذه منها، تضع يدها على صدرها:
اللهم اجعله خيرًا يا رب، اللهم احفظ أولادي... دفة الشباك مشرعة والستارة عليها يداعبها الهواء ترتفع إلى الأعلى ثم تحتضن الشباك، جمانة في مهدها تغط في النوم، يتسلل شعور بالطمأنينة إلى صدرها، تلتفت إلى سلوى، تعدل نومتها وتقبلها على جبينها، متسائلة بفزع:
أين أنت يا أمين؟ أين أنت يا ولدي؟!
تنهض من السرير، وتدلف خارج الغرفة باحثة عن أمين، تجده في غرفة الجلوس يشاهد مسلسلًا للأطفال على التلفاز، تلقي نفسها على المرتبة وتسمع نبضات قلبها تدق بسرعة، تغمض عينيها لوهلة لا تريد تذكر الكابوس الذي رأته في منامها، تقول في سرها:
"الحمد لله كان حلمًا، يا رب لا تريني في أولادي ما يسوؤني".
يرن الهاتف ترفع خلود السماعة، تدخل دانة المكان فجأة، وتجلس مقابلها متظاهرة بمشاهدة التلفاز مسترقة السمع، تصوب خلود نظراتها عليها استنكارًا.
تنهي خلود مكالمتها وقد بدت عليها ملامح الضيق، تلتفت إلى دانة بانزعاج:
ما هذا يا دانة لا يجوز أن تجلسي للتنصت على مكالمتي.
دانة:
كلا لم أتنصت عليكِ... أنا أشاهد التلفاز.
تعبس في وجهها:
لا تنكري أنتِ جئت إلى هنا كي تسمعي مكالمتي... عيب عليك.. هذه عادة سيئة.
ترد بإصرار:
لا، أنا جئت لمشاهدة التلفاز.
تقطب حاجبيها بامتعاض:
ما زلتِ مصرة... هيا قومي واذهبي من هنا.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.