تهاتف أم جمعة:
- "نعم أرجوك يا أم جمعة اذهبي إلى قسم التنظيف لتؤكدي عليهم غسل شراشف وأغطية سرائر قسم العمليات، لا تنسي".
تضع سماعة الهاتف، تجلس على المقعد أمام شاشة الحاسوب، تدخل معلومات عن حالة المريضة سهيرة وافي التي في قسم العناية المركزة، يرن الهاتف ترفع السماعة وعينيها مصوبة ناحية جهاز الحاسوب:
- "ألو".
= "ألو.. وفاء أنا عادل".
تقطب حاجبيها:
- "آه عادل.. ما بالك هل من خطب ما؟!"
يتنهد ويطرق للحظات:
- "نعم يا وفاء سنحضر والدي إلى المشفى عندك، يبدو أنه متعب جدًّا".
تبعد وجهها عن الحاسوب وتركز مع عادل:
- "ماذا حدث له؟! قل لي يا عادل؟"
يجيب بصوت خافت ومهموم:
- "آخ يا أختي.. حينما أصل سأخبرك".
تستفسر:
- "في الأقل قل لي ما الذي يشعر به!"
يرد وذهنه مشوش:
- "لا أدري يا وفاء، أصبح ثقيل الحركة لا يقوى على المشي يميل بجنبه إلى الجهة اليسرى، أحضرته إلى البيت مع مجموعة من الشباب، لم أستطع أن أرجعه إلى البيت بمفردي، كلامه غير مفهوم، بالكاد فهمت عليه كلمة أنا تعبان".
تسأله بتوتر:
- "وكيف حاله الآن؟"
يرد:
- "ها هو ساكن لا يتحرك ولا ينظر إليَّ مباشرة، أشعر أنه لا يدري ما يحدث حوله!"
تسحب نفسًا عميقًا وتغمض عينيها لثوانٍ... تزدري ريقها:
- "خير إن شاء الله".
شعر أن حلقه قد جف، يرد بصوت خافت:
- "ريثما يحضر علي من عمله سنأتي إليك حالًا".
تتأثر:
- "حسنًا... حسنًا أنا في انتظاركم".
مع السلامة...
ترد بنبرة يشوبها الحزن:
- "مع السلامة".
تضع سماعة الهاتف، والصدمة لا تفارق عقلها، بدا وجهها شاحبًا مخطوف اللون، تدفع المقعد إلى الخلف، وتخطو خطوات سريعة إلى قسم الباطنية.
تقترب عقارب الساعة من الرابعة عصرًا، أم ماجد ساهمة تفكر، وعادل يدور في الصالة كالمحموم، خلود وسعاد تجلسان على الكنبة الطويلة، تتبادلان النظرات بوجل، السكون يلف المكان، تقطعه أم ماجد:
- "ما بالك يا أبا ماجد؟! ما الذي حدث معك؟! حسبي الله ونعم الوكيل".
يمد يده يتحسس ثوبها:
- "آه... آه.. أنام...أر...يد... أنا مممم".
ينتبه عليه عادل في حين يراقب من النافذة مجيء علي، يخاطبها:
- "اتركيه يا أمي.. لا نريده أن يتعب بالحديث معنا".
ينظر إلى الساعة، يوجه حديثه لأم ماجد:
- "أمي دعينا نبدل ثياب والدي، علي سيحضر بعد خمس دقائق، إلى حين مجيء علي، نبدل ثيابه، ويكون علي قد ارتاح قليلًا وتناول لقمتين يصلبن عظمه".
ترد بقين:
- "إن شاء الله... حالًا سأجلب ثوبًا جديدًا، ونلبسه إياه".
تقاطعهما خلود:
- "يا عادل اطلب له سيارة أجرة لماذا تنتظر علي".
بجيبها بحسم:
- "ما بالك من سيساعدني في الإمساك بوالدي! إذا ذهبت لوحدي ربما يسقط مني ويتأذى، ويتفاقم وضعه سوءًا".
يجلس ماجد متكئًا على يده ساهمًا يفكر في أثناء مشاهدته لبرنامج رياضي على التلفاز، يرفع كوب الشاي ويرتشف رشفة طويلة، متربعة بجانبه:
- "لا أعرف يا ماجد! أشعر أن أهلك مشغولين بأمر ما... إلى الآن لم يبعثوا المبلغ الذي طلبناه منهم".
يحدق بشاشة التلفاز:
- "لا أدري.. دعينا ننتظر".
يرن الهاتف فجأة، يعدل من جلسته، ويضع كوب الشاي على الصينية قدامه، يرفع السماعة:
- "ألو"
= "ألو... آه ماجد، أنا خلود".
يجفل:
- "آه خلود أهلًا وسهلًا بك"..
ترد بنبرة ضعيفة:
- "كيف أنت ونادية وعيالك؟!"
ينظر إلى نادية ويرفع كتفيه بتعجب:
- "الحمد لله كلنا بخير والجميع يسلمون عليكم".
يطرق هنيهة:
- "سبحان الله منذ قليل كنت أتحدث أنا ونادية عنكم".
ترد بنبرة خافتة:
- "صحيح"..
= "نعم"..
يسود الصمت ثوان ٍ، يبادرها بالسؤال:
- "هل يوجد شيء يا خلود؟"
تتردد لوهلة ساحبة نفسًا عميقًا من صدرها:
- "نعم يا ماجد.. والدك مريض وهو في المشفى".
يذهل:
- "ماذا تقولين يا خلود؟ لا حول ولا قوة إلا بالله... ما الذي حدث له؟! ما الذي أصابه؟"
= "ادعُ له بالشفاء يا أخي... أعتقد أن وضعه الصحي صعب!"
يتنهد:
- "شافاه الله وعافاه... لا تقلقي يا خلود سآتي في بحر ثلاثة أيام".
تجيبه بكدر:
- "إن شاء الله يا ماجد.. لا تتأخر".
يؤكد عليها:
- "لكن يا خلود أرسلوا لي المبلغ الذي طلبت سابقًا، حتى أتمكن من المجيء وأطمئن على أبي".
تطمئنه:
- "إن شاء الله يا أخي... سأخبر أمي... اطمئن".
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.