اليوم يوم الخميس الثاني عشر من ربيع الأول، الجميع في إجازة بمناسبة المولد النبوي الشريف، الشمس ساطعة ونسمات الهواء الباردة تحرك الأشجار.
ويتردد حفيفها في أرجاء الحي، قطرات الندى جاثمة على نوافذ البيت تنزل على هيئة دمعات على حوافها، ثم تتمدد مستقرة عليها، في غرفة الطعام يجلس أبو ماجد وأم ماجد وهناء وخلود وماجد وعلي وعادل يتناولون طعام الإفطار، يختلس أبو ماجد نظرات لماجد:
- إن شاء الله سنجهز أنفسنا للسفر لطلب ابنة بدرية نادية.
- إن شاء الله يا والدي.
- سأهاتف أبو هيثم وأبلغه نيتنا المجيء وخطبة ابنته.
- خير ما تعمل يا أبا ماجد.
يستدير إليها:
- جهزي نفسك يا أم ماجد ورتبي الحقائق ولا تنسي الهدايا، وأنت كذلك يا ماجد جهز نفسك، يوم اثنين وعشرين من الشهر الجاري حجزت الرحلة.
- على الله اتكالنا.
- ونعم بالله.
يدلف إلى غرفته والفرحة تغمر قلبه والابتسامة تتسع على شفتيه، يخاطبه علي:
- ها يا عم ماجد من مثلك ستخطب قريبًا.
- نعم يا ماجد مبارك سلفًا.
- الله يبارك فيكما.
يمازحه:
- وأنت يا عادل متى سنبارك لك!
يرمي الوسادة عليه ويتجنبها ويضحك:
- أسكت يا متطفل.
يقف قدامه ويضع كفه خلف رقبته:
- هيي ما بالك أمزح معك.. انتبه لكلامك.
- ابتعد عني يا معتوه.
يضع يديه على وسطه:
- أنا معتوه وأنت ماذا؟!
- على رسلك يا علي.. عادل صغير كيف يتزوج في هذه السن!
- وما شأنك أنت.. أريد أن أتزوج.
- أسمعت.
يضحكون ويضربان كفيهما ببعضهما.
يعلو صوته ناهرًا:
- اخفضا صوتكما
تنظر إليه أم ماجد مبتسمة:
- الظاهر أن علي يماحك عادل كعادته.
- هذان الاثنان ندان لبعضهما دائمًا.
- ما بالك يا أبا ماجد؟! رأيتك قبل قليل سرحان تفكر... اللهم اجعله خيرًا هل هناك شيء؟
- لا أخفيك يا أم ماجد أفكر كيف سأدبر عرس ماجد.
- اتركها لله هو من سيدبر الأمر.
- ونعم بالله...
يتنهد بحزن ويتمتم في سره:
" آخ يا أم ماجد لو تعلمين ما بي لا يحرق قلبي سوى سعاد وقطيعتها لنا كأننا أعداؤها ولسنا أهلها!
- أتركها لله يابن الحلال.
- رحمتك يا رب.
في غرفتها تشاهد الأخبار على التلفاز وعبد اللطيف متربع على السرير يتصفح مجلة فنية، تتسارع نبضات قلبها لمشهد طفل بيده حجر يلقيه على مدرعة عسكرية.
يصوب الجندي سلاحه فيرديه قتيلًا، تفغر عينيها باندهاش وصدمة متمتمة بأسى: «كيف لطفل أن يواجه دبابة بصدر عارٍ، يا لها من قسوة، قلوب قدت من حجر» تنزل دمعة دافئة على وجنتها يهز رأسه استخفافًا!
يدق الباب ينهض ويفتحه يشير إليه نبيل يوارب الباب ويتناجيان معًا تحدق بهما باستغراب.
- اقرأ أيضاً رواية الأيام بيننا الجزء الأول
- اقرأ أيضاً رواية "الأيام بيننا" ج١٥٩
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.